responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 34

سادساً: لأن عقول الناس قد دست في ركام الجهالات، أرسل الله الأنبياء عليهم السلام ليثيروا للناس ما دُفِنَ من عقولهم فيعرفوا الحق والباطل والوسيلة الى ذلك. إن الرسل يقومون باراءة الناس آيات ربّهم في الافاق.

إذاً دعنا نتأمل في كلمات الإمام بدقة، يقول عليه السلام:

" واصطفى سبحانه من ولده (ولد آدم) أنبياء أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم، لمَّا بدَّل أكثر خلقه عهد الله إليهم فجهلوا حقّه، واتخذوا الأنداد معه، واجتالتهم [1] الشياطين عن معرفته، واقتطعتهم عن عبادته، فبعث فيهم رسله، وواتر إليهم أنبياءه، ليستأدوهم ميثاق فطرته، ويُذكِّروهم منسيَّ نعمته، ويحتجّوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول، ويروهم آيات المقدرة؛ من سقفٍ فوقهم مرفوع، ومهاد تحتهم موضوع، ومعايش تُحييهم، وآجالٍ تُفنيهم، وأوصابٍ [2] تُهرمهم، وأحداثٍ تتابع عليهم؛ ولم يخل الله سبحانه خلقه من نبيٍّ مرسلٍ، أو كتابٍ منزلٍ، أو حجة لازمة، أو محجة قائمة؛ رسلٌ لا تُقصِّر بهم قلَّة عددهم، ولا كثرة المكذبين لهم؛ من سابق سُمّي له من بعده، أو غابرٍ عرَّفه من قبله. على ذلك نسلتِ القرونُ، ومضتِ الدهورُ، وسلفتِ الآباء، وخلفتِ الأبناءُ.

إلى أن بعث الله سبحانه محمداً رسول الله صلى الله عليه واله لإنجاز عدته، وإتمام نبوّته، مأخوذاً على النبيين ميثاقه، مشهورةً سماتُهُ، كريماً ميلاده، وأهل الأرض يومئذ مللٌ متفرّقةٌ، وأهواء منتشرة، وطرائق متشتتة، بين مشبّه لله بخلقه، أو ملحدٍ في اسمه، أو مشيرٍ الى غيره، فهداهم به من الضلالة، وأنقذهم بمكانه من الجهالة. ثم اختار سبحانه لمحمد صلى الله عليه واله لقاءه، ورضي له ما عنده، وأكرمه عن دار الدنيا، ورغب به عن مقام البلوى، فقبضه إليه كريماً صلى الله عليه واله، وخلَّف فيكم ما خلَّفتِ الأنبياء في أممها، إذ لم يتركوهم هملًا، بغير طريق واضحٍ، ولا علم قائم". [3]


[1] - إجتالَتْهُم: صَرَفَتْهُم عن قصدهم.

[2] - اوصاب: متاعب.

[3] - نهج البلاغة، الشريف الرضي، خطبة رقم 1.

اسم الکتاب : البيان الاسلامي المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 34
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست