من أراد الضياء لا يحطم مصباحه، ومن أراد الشراب الطهور لا يحطم اناءه، ومن أراد الإسلام لا ينكر الولاية، والله نور السماوات والارض ولكن هذا النور إنما ينبعث عبر مصباح، ومن دون هذا المصباح كيف يجتمع النور. فالضياء النافع هو الذي يكون في مصباح ويكون عبر مشكاة، لذلك قال ربنّا سبحانه وتعالى: (اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ) (النور، 35).
الولاية حدود الدين
وهكذا الحال بالنسبة الى الدين فهو كالضوء، فمن دون وجود حدود تحافظ على الضوء كما يحافظ المصباح عليه، فان نوره سيذهب هدراً. ومن دون وجود حدود للدين، فانّ هذا الدين سوف لا يجدي النفع المرتجى منه.
والولاية هي تلك الحدود، فهي تحافظ على مفردات الدين وعلى ما فيه من مثل وقيم وأحكام وشرائع وأخلاق وما الى ذلك، تجمعها في كتلة واحدة لينتفع الناس من الدين. ولذلك كانت آية الولاية آخر آية نزلت في القرآن الكريم، ألا وهي آية البلاغ المتمثلّة في قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ) (المائدة، 67). لأنّ ختام هذا مسك.