نسبحه هو ونقدسه هو وننزّه هو؛ بالتالي يريد منّا أن نعتقد ونعترف بأنّ الإرادة إرادة الله والقرار قرار الله أولًا وأخيراً، فالكبرياء رداء الله ومن نازعه رداءه كان خصماً لله.
على أنّ المذنب حينما يذنب إنما يسعى الى تحقيق إرادته هو؛ بمعنى أنه يتحدى ربه في التشريع والعمل في ظل ما يبدو في الظاهر ذنباً بسيطاً أو كونه- اقترف الذنب- عملًا ترفيهياً لا حرج فيه.
أقرب المنازل الى الله تعالى
حينما يقول الساجد: (سبحان ربّي الأعلى وبحمده) يعني أنه يقر بربوبية وعظمة القدوس العلي الأعلى، وبالتالي فهو يعترف بأنه خاضع وليس مخضوعاً له، ولهذا فالسجود يوصف بأنّه أقرب المنازل الى الله سبحانه وتعالى. ومن هنا فانّ الشيطان ذا النزعة العنصرية ينادي بالويل والثبور حينما يرى الانسان يسجد لربه. فهو- الشيطان- يعلم علم اليقين أنه صائر الى النار لا محالة، فتراه يأبى على الانسان الرواح الى الجنة. فأبليس يعتقد بأنه خير من آدم عليه السلام وأولاده بقوله: (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (الاعراف، 12)، فكيف يترك الفرصة للناس لاستحقاق الجنة ورضوان الله الأكبر؟
من هنا؛ قد حددت الروايات بأن من علامات المؤمن إطالة السجود، وليس نقراً كنقر الغراب. إذ ما من فعل يقوم به الانسان إلا وله دافع وسبب، فكثرة السجود و إطالته سببه الاعتراف العميق بخضوع للرب الذي ليس كمثله شيء. أما السجود وأداء الصلاة وأعمال الخير بصورة عامة بالهيئة غير الرزينة والمتعجلة وكأنها عمل إجباري تعكس حالات اللامبالاة وعدم الاهتمام بالشعائر والطاعة؛ بل وعدم وجود قناعة وتفكير سابقين لحركات البدن التي تأخذ طابع العبادة الظاهري.