إنك أيها الانسان يجب ان تعرف أنك حينما تخوض في دائرة تبرير الذنوب بأن الوالدين والمجتمع والدهر هم الذين دفعوك أو أرادوا لك ارتكاب الخطيئة، أن هذا الشيطان هو الذي يريد ان يقذفك في النار بمقولتك بأنك كنت مجبراً على ارتكاب الذنب. إن الشيطان يزيّن لك التبرير، ويؤكد لك بأنك إنسان طيب، غير أن المجتمع هو الذي يفسدك. ولكنك يجب أن لاتغفل وللحظة عن حقيقة أن المجتمع ليس إلّا أنا وأنت وزيد وعمرو، وأننا كلنا نشكل هذا المجتمع. والشاعر يقول:
نعيب زماننا والعيب فينا
و لو نطق الزمان إذاً هجانا
والحديث الشريف يؤكد: لا تسبّ الدهر فإنه هو الله. ( [1]) فإن ينسب الفرد خطاياه الى غيره يعني بشكل أو بآخر أنه ينسب الظلم الى الله تعالى، نظراً إلى أن الله يحاسب الفرد على عمله هو دون غيره؛ إن خيراً فخير؛ وإن شراً فشر.
ثم إن الدليل على إن ادعاء الجبر إدعاء نابع عن الهوى والشيطان والرغبة في التهرب من المسؤولية، هو أن الانسان لايقول بالجبر إلا في حالة ارتكابه الذنب أو إحساسه بالخطأ، لكي يبرئ نفسه ويبرر لها. غير أنّه حينما يقوم بعمل محمود وممدوح فإنه ينتظر الثواب والجائزة لنفسه هو فقط دون الناس والمؤثرات المحيطة، علماً أن بعض ما يقوم به الفرد من أعمال صالحة قد لايكون له أي ارتباط أو تعلق بها، حيث ليس هو إلّا أداة منفعلة فيها.
الشبهة الأولى: مسلسل الجبر
ينسب البعض من الفلاسفة حركة الانسان الى الجبر ضمن سلسلة مترابطة في