responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 38

بين العلم والقطع

وللفرق الواسع بين العلم كنورٍ إلهي وبين القطع كحالةٍ نفسية، فإن أساس المنهج الإسلامي يختلف عن المنهج الفلسفي في استنباط الأحكام فالعلم والعقل حيث ذاتهما طرد الريب، وبعث السكينة في الفؤاد، ولا يمكن التشكيك فيهما لَمنْ أوتي منهما شيئاً، بينما القطع حيث ذاته الجهل بالخلاف، فلأنه لا نعرف غير هذا الحل فلا جرم من القبول به، فحيث ذاته ليس الكشف، وهو يحتمل الردع عنه بطريقةٍ أو بأخرى.

وبتعبير آخر: القطع حالة نفسية، والعلم يورث الحالة النفسية (السكينة والطمأنينة والثقة). ولكن ليس كل حالة نفسية هي نتيجة العلم، فقد تأتي هذه الحالة بسبب شذوذ في النفس كالعجلة في الحكم، أو اتباع الهوى، وطبع الله على القلب، والجهل بالاحتمالات الممكنة الأخرى وما أشبه. فلأن هذه الحالة النفسية لا تعكس دائماً العلم بالحقائق فلا يجوز جعلها مقياساً للحقيقة. بل لا بدّ أن نبحث عن مقياسٍ آخر. والمقياس الآخر هو معرفة العقل وخصائصه، والعلم وميزاته، وكشفهما كشفاً ذاتيّاً، وتمييزهما عما يتشابه معهما من الحالات النفسية، أو وساوس الشيطان، وإلقاءاته. فآنئذٍ فقط نحظى بمقياسٍ دقيق لمعرفة الحقائق. وليس هذا سهلًا، بل إنه أصعب شيء منالًا. ولا يكون ذلك بصورة كاملة إلا بتأييد الله سبحانه، ومَنْ لم يجعل الله له نوراً فما له من نورٍ [1].

يقول في هذا الأمر العلامة الميرزا الأصفهاني: اليقين الحاصل من منشأ عقلاني حجة بالفطرة العقلانية، وطريقته العقلائية عبارة عن رؤية المتيقن واقعاً والجزم به. وحيث أنه حجة عقلائية ليس للإنسان الاكتفاء به، بل يجب عليه طلب العلم، ولا يعذر- بعد الالتفات إليه-.

ثم إن اليقينكما أشرناإنما يكون حجةً عقلًا إذا حصل عن منشأ عقلائي تقتضي اليقين، ولا كقطع القطاع (وقطع الشخص) الوسواس، فإن هذا ليست بحجة الفطرة.

وحيث أن حجية اليقين العقلائي ليست ذاتيةً- كما عرفت- فلا بد من كَشف حجتيه


[1] - نتحدث ان شاء الله بتفصيل عن كيفية تمييز العقل عن الجهل.

اسم الکتاب : التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 38
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست