responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 37

ويكفيه في الأمور الغيبية أن يعرف منها ما أوتي علمه عبر آياتها المنعكسة على عالم الشهود. مثلًا يكفينا في معرفة الله آياته المنتشرة في حقائق الوجود ولا يجوز لنا ان نتساءل: كيف، ولم، وبِمَ وسائر الاسئلة التي تتصل بذاته سبحانه فأنى لنا معرفة ذلك ونحن لم نبلغ واحداً من مليار جزء من معرفة حقائق الوجود المشهودة.

وهكذا وقع الفلاسفة في ضلالٍ عظيم حيث زعموا أن العقل هو تلك الأحكام المسبقة الضرورية والبديهية كقانون العلية وقانون امتناع التناقض، وما أشبه. وهذه البديهيات ليست سوى حقائق يكشفها العقل كما يكشف غيرها من الحقائق الكثيرة، بل لو لم يكُن العقل مع الإنسان في كل خطوة من خطواته، وكل مرحلة من مراحل حياته، لكانت الدنيا عليه مظلمة ولما عرف شيئاً.

ولأنّ سبيلهم كان خاطئاً منذ البداية فإنهم ضلّوا في النتائج ضلالًا بعيداً .. فتراهم في موضوع معرفة الله حاولوا التعرّف على ذاته بالتوهُّمات، فانتهى بعضهم إلى وحدة الوجود، وأثبت تطوُّراً ذاتيّاً له سبحانه، وتاه بعضهم في هذا المجال حتى زعم أن كل شيء هو الله، وقال: ليس في جُبَّتي سوى الله. وزعم أن الله يتجلَّى في الصنم كما يتجلَّى في الصمد ...

وفي معرفة أسمائه سبحانه: زعموا قِدَمَ الإرادة وأزليتها، مما أَلْزَمَهُمُ الجبر في الافعال، ولم يستطيعوا عنه فكاكاً.

وفي معرفة سائر أسمائه قاسوا ربهم بخلقه، فشبهوه، وتوهّموه، ولم يعبدوا ربهم الحق، وإنّما عبدوا ما تصوّروه ..

وربما جرَّدوه عن أسمائه لأنّهم لم يعرفوا كيف هي، وما هي علاقتها به سبحانه، حتى أن بعضهم نفى علمه بالجزئيات وفي الوحي والمعاجز ويوم البعث كانت لهم تكلُّفات بعيدة عن ضروريات العقل والدين. كل ذلك لانهم زعموا أنهم قادرون على الإحاطة علماً بكل شيء من خلال معارفهم المحدودة.

وكثرة أخطائهم وتناقضاتهم وإختلافاتهم أفقدتنا الثقة بمناهجهم، ولَّما فتَّشنا عن جذر الخطأ رأيناه متمثّلًا في نظرياتهم في العقل والعلم، وفي خلطهم العقل بالمعقول، والعلم بالمعلوم.

اسم الکتاب : التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 37
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست