responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 27

أولًا: قد نعرف العقل من خلال صفات صاحبه، فَمن انجرف في تيّار شهواته، ولم يضبط تصرّفاته حسب الحكمة، ولم يمتلك منهجية علمية رشيدة في مواقفه، فإنه لا يعتبر عاقلًا.

ومن تلك الصفات صفة الشكر، النابعة من معرفة الإنسان بنفسه، وأنّه لم يكن ثم كان، فكل إضافة إليه نعمة لا بّد أن يشكر ربّه عليها، ويسعى جاهداً لإبقائها بحفظ العوامل المقتضية لها.

أما الذي إذا حظي بنعمةً اغتّر بها، وزعم أنّما أُوتيها بعلم، أو إنّها جزء من كيانه، فهو جاهل، وسوف يفقد النعمة سريعاً أو يتصرّف فيها بما يضرّه.

والصبر صفة أخرى يتّسم بها العاقل، لأنّه لا ينظر إلى لحظته الراهنة فيجزع، بل ينظر إلى المستقبل فيأمل الخير، وينظر إلى الماضي فيستصحب الشكر، وينظر إلى مَنْ دونه فيحمد الله على بقيّة النعم التي تحيط به.

وبين صفتي الشكر والصبر تجد المؤمن يقتصد على الحلال شكراً، ويكف نفسه عن الحرام صبراً.

(يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلالُ شكره، ولا يغلب الحرامُ صبره).

ثانياً: بين العقل والهوى يتقلّب فؤاد البشر حتى يغلب أحدهما صاحبه، ولكل منهما جذور عميقة في فطرة الإنسان وطبيعته.

وطول الأمل جذر بعيد الغور في قلب البشر، لأنه يحب البقاء، فيتجاهل ويتناسى النهاية الحتمية التي تنتظره، حتى قيل: بأن الموت أشبه حق بالباطل، يعترف به الجميع ولا يصدقون أنّهم ميّتون تصديقاً نفسيّاً وعمليّاً، وإذا استبد طول الأمل بقلب الإنسان فإنه لا يحسّ بحركة الزمن، ولا يجهد نفسه في استغلال لحظات عمره فيما ينفعه غداً عند ربّه، ولا يتحسّس بمسؤولياته، وهكذا تتشوّش رؤيته في كل شيء، من هنا يقول الإمامعليه السلام-:

يا هشام! مَنْ سلّط ثلاثً على ثلاثٍ فكأنّما أعان هواه على هدم عقله: من أظلم نور فكره بطول أمله).

إنّ منِ اعترف بالنهاية القريبة يستثير فكره حتى يعرف كيف ينجو بنفسه من دواهي الموت والقبر والحساب. و. و، وهكذا لا يني يفكّر في حياته وتطويرها نحو الأحسن،

اسم الکتاب : التشريع الإسلامي مناهجه و مقاصده المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 27
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست