بالخيانة.
هكذا أدّب الامام واليه فيما يتصل بأمر التعامل مع الموظفين الكبار.
قال (عليه السلام):
ثُمَّ انْظُرْ فِي أُمُورِ عُمَّالِكَ فَاسْتَعْمِلْهُمُ اخْتِبَاراً [1]، وَ لا تُوَلِّهِمْ مُحَابَاةً [2] وَ أَثَرَةً [3]، فَإِنَّهُمَا جِمَاعٌ مِنْ شُعَبِ الْجَوْرِ وَ الْخِيَانَةِ [4]. وَ تَوَخَ [5] مِنْهُمْ أَهْلَ التَّجْرِبَةِ وَ الْحَيَاءِ، مِنْ أَهْلِ الْبُيُوتَاتِ الصَّالِحَةِ، وَ الْقَدَمِ [6] فِي الإِسْلامِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنَّهُمْ أَكْرَمُ أَخْلاقاً، وَ أَصَحُّ أَعْرَاضاً، وَ أَقَلُّ فِي الْمَطَامِعِ إِشْرَاقاً، وَ أَبْلَغُ فِي عَوَاقِبِ الأُمُورِ نَظَراً. ثُمَّ أَسْبِغْ عَلَيْهِمُ الأرْزَاقَ [7]، فَإِنَّ ذَلِكَ قُوَّةٌ لَهُمْ عَلَى اسْتِصْلاحِ أَنْفُسِهِمْ، وَ غِنًى لَهُمْ عَنْ تَنَاوُلِ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ، وَ حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ إِنْ خَالَفُوا أَمْرَكَ أَوْ ثَلَمُوا أَمَانَتَكَ [8]. ثُمَّ تَفَقَّدْ أَعْمَالَهُمْ، وَ ابْعَثِ الْعُيُونَ [9] مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَ الْوَفَاءِ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ تَعَاهُدَكَ فِي السِّرِّ لِأُمُورِهِمْ حَدْوَةٌ لَهُمْ [10] عَلَى اسْتِعْمَالِ الأمَانَةِ، وَ الرِّفْقِ بِالرَّعِيَّةِ. وَ تَحَفَّظْ مِنَ الأعْوَانِ؛ فَإِنْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بَسَطَ يَدَهُ إِلَى خِيَانَةٍ اجْتَمَعَتْ بِهَا عَلَيْهِ عِنْدَكَ أَخْبَارُ عُيُونِكَ، اكْتَفَيْتَ بِذَلِكَ شَاهِداً، فَبَسَطْتَ عَلَيْهِ الْعُقُوبَةَ فِي بَدَنِهِ، وَ
[1] - اسْتَعْمِلْهُمْ اختباراً: وَلِّهم الاعمال بالامتحان.
[2] - محاباة: أي اختصاصاً وميلًا منك لمعاونتهم.
[3] - أثَرَة- بالتحريك- أي: استبداداً بلا مشورة.
[4] - فإنهما جماع من شُعَب الجور والخيانة أي: يجمعان فروع الجور والخيانة.
[5] - توخّ: أي اطلب وتحرّ أهل التجربة.
[6] - القَدَم- بالتحريك-: واحدة الاقدام، أي الخطوة السابقة، وأهلها هم الاولون.
[7] - أسبغ عليه الرزق: أكمله وأوسع له فيه.
[8] - ثلموا أمانتك: نقصوا في أدائها أوخانوا.
[9] - العيون: الرقباء.
[10] - حَدْوَة: أي سَوق لهم وحثّ.