وَ لا تُسْرِعَنَّ إِلَى بَادِرَةٍ [1] وَجَدْتَ مِنْهَا مَنْدُوحَةً [2]، وَ لا تَقُولَنَّ: إِنِّي مُؤَمَّرٌ [3] آمُرُ فَأُطَاعُ، فَإِنَّ ذَلِكَ إِدْغَالٌ [4] فِي الْقَلْبِ، وَ مَنْهَكَةٌ [5] لِلدِّينِ، وَ تَقَرُّبٌ مِنَ الْغِيَر [6]. وَ إِذَا أَحْدَثَ لَكَ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ سُلْطَانِكَ أُبَّهَةً [7] أَوْ مَخِيلَةً [8]، فَانْظُرْ إِلَى عِظَمِ مُلْكِ اللَّهِ فَوْقَكَ، وَ قُدْرَتِهِ مِنْكَ عَلَى مَا لا تَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُطَامِنُ [9] إِلَيْكَ مِنْ طِمَاحِكَ [10]، وَ يَكُفُّ عَنْكَ مِنْ غَرْبِكَ [11]، وَ يَفِيءُ [12] إِلَيْكَ بِمَا عَزَبَ [13] عَنْكَ مِنْ عَقْلِكَ! إِيَّاكَ وَ مُسَامَاةَ [14] اللَّهِ فِي عَظَمَتِهِ، وَ التَّشَبُّهَ بِهِ فِي جَبَرُوتِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُذِلُّ كُلَّ جَبَّارٍ، وَ يُهِينُ كُلَّ مُخْتَالٍ.
4- الإنصاف لمناهضة الفساد الإداري
للوالي وللمسؤول في دوائر الدولة أنّى كان مستواه ثلاثة أطر يتحرك عبرها:
[1] - البادرة: ما يبدر من الحدة عند الغضب في قول أو فعل.
[2] - المندوحة: المتسع، أي المخلص.
[3] - مؤمر- كمعظم- أي: مسلط.
[4] - الادغال: إدخال الفساد.
[5] - منهكة: مضعفة، وتقول: نهكه، أي أضعفه ... وتقول: نهكه السلطان، أي: بالغ في عقوبته.
[6] - الغِير- بكسر ففتح-: حادثات الدهر بتبدل الدول.
[7] - الابّهة- بضم الهمزة وتشديد الباء مفتوحة-: العظمة والكبرياء.
[8] - المَخِيلة- بفتح فكسر-: الخيلاء والعجب.
[9] - يُطامن الشيء: يخفض منه.
[10] - الطِماح- ككتاب-: النشوز والجماح.
[11] - الغَرْب- بفتح فسكون-: الحدة.
[12] - يفيء: يرجع.
[13] - عَزَب: غاب.
[14] - المساماة: المباراة في السمو، أي العلو.