كلما نازعته نفسه الى حالة التكبر و الخيلاء.
يقول الامام علي (عليه السلام):
ثُمَّ اعْلَمْ يَا مَالِكُ، أَنِّي قَدْ وَجَّهْتُكَ إِلَى بِلادٍ قَدْ جَرَتْ عَلَيْهَا دُوَلٌ قَبْلَكَ، مِنْ عَدْلٍ وَ جَوْرٍ، وَ أَنَّ النَّاسَ يَنْظُرُونَ مِنْ أُمُورِكَ فِي مِثْلِ مَا كُنْتَ تَنْظُرُ فِيهِ مِنْ أُمُورِ الْوُلاةِ قَبْلَكَ، وَ يَقُولُونَ فِيكَ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِيهِمْ، وَ إِنَّمَا يُسْتَدَلُّ عَلَى الصَّالِحِينَ بِمَا يُجْرِي اللَّهُ لَهُمْ عَلَى أَلْسُنِ عِبَادِهِ، فَلْيَكُنْ أَحَبَّ الذَّخَائِرِ إِلَيْكَ ذَخِيرَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَامْلِكْ هَوَاكَ، وَ شُحَّ بِنَفْسِكَ [1] عَمَّا لا يَحِلُّ لَكَ، فَإِنَّ الشُّحَّ بِالنَّفْسِ الإِنْصَافُ مِنْهَا فِيمَا أَحَبَّتْ أَوْ كَرِهَتْ. وَ أَشْعِرْ قَلْبَكَ الرَّحْمَةَ لِلرَّعِيَّةِ، وَ الْمَحَبَّةَ لَهُمْ، وَ اللُّطْفَ بِهِمْ، وَ لا تَكُونَنَّ عَلَيْهِمْ سَبُعاً ضَارِياً تَغْتَنِمُ أَكْلَهُمْ، فَإِنَّهُمْ صِنْفَانِ: إِمَّا أَخٌ لَكَ فِي الدِّينِ، وَ إِمَّا نَظِيرٌ لَكَ فِي الْخَلْقِ، يَفْرُطُ [2] مِنْهُمُ الزَّلَلُ [3]، وَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْعِلَلُ، وَ يُؤْتَى عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي الْعَمْدِ وَ الْخَطَإِ، فَأَعْطِهِمْ مِنْ عَفْوِكَ وَ صَفْحِكَ مِثْلِ الَّذِي تُحِبُّ وَ تَرْضَى أَنْ يُعْطِيَكَ اللَّهُ مِنْ عَفْوِهِ وَ صَفْحِهِ، فَإِنَّكَ فَوْقَهُمْ، وَ وَالِي الأمْرِ عَلَيْكَ فَوْقَكَ، وَ اللَّهُ فَوْقَ مَنْ وَلّاكَ! وَ قَدِ اسْتَكْفَاكَ [4] أَمْرَهُمْ، وَ ابْتَلاكَ بِهِمْ. وَ لا تَنْصِبَنَّ نَفْسَكَ لِحَرْبِ اللَّهِ [5] فَإِنَّهُ لا يَدَ لَكَ بِنِقْمَتِهِ [6]،
وَ لا غِنَى بِكَ عَنْ عَفْوِهِ وَ رَحْمَتِهِ. وَ لا تَنْدَمَنَّ عَلَى عَفْوٍ، وَ لا تَبْجَحَنَ [7] بِعُقُوبَةٍ،
[1] - شُحّ بنَفْسِك: ابخل بنفسك عن الوقوع في غيرالحل، فليس الحرص على النفس إيفاءها كل ما تحب، بل من الحرص أن تحملها على ما تكره.
[2] - يَفْرُط: يسبق.
[3] - الزلل: الخطأ.
[4] - استكفاك: طلب منك كفاية أمرهم والقيام بتدبير مصالحهم.
[5] - أراد بحرب الله: مخالفة شريعته بالظلم والجور.
[6] - لايد لك بنقمته: أي ليس لك يد أن تدفع نقمته، أي لا طاقة لك بها.
[7] - بجح به: كفرح لفظاً ومعنى.