يبقى الجانب التوجيهي من فلسفة القرآن في علم النفس. وفي هذا الجانب
يذكرنا القرآن مرة اخرى بالثنائية في الكائنات، فمن حيث ذاتها الأصلية تحدد بالعدم
والعجز والجهل، ومن ناحية المواهب والعطايا الإلهية تتمتع بالوجود، والقدرة
والمعرفة، وحين تنعكس هذه الحقيقة الكبرى على صعيد النفس وتهبط الى مستوى التوجيه،
نرى الاخلاق الفاضلة تتمثل في الشخصية التي تعكس حقيقة النفي والاثبات في الكائنات
وتعمل بوحي هذه الحقيقة.
والتعبير الدقيق عن هذه الحقيقة في النفس هو العمل وفق محور اليأس
والرجاء؛ اليأس من كل شيء على انه موجود ناقص عاجز جاهل بالذات، وانه لا يملك
نفعاً ولا ضراً، والرجاء بالله (الذي لا يشبه خلقه في شيء من ذلك والذي يملك كل
شيء) واليأس من القوى الموجودة في كف الإنسان فعلًا، والرجاء فيما قد يبلغه هذا
الإنسان