responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 288

بل يدعونا إلى الاعتبار بعاقبة المجرمين الآخرين بعد الأولين. فإن المتفكر في هذا الأمر يهتدي إلى واقعية سُنَّة الجزاء، وذلك بدوره يهديه إلى واقعية الآخرة باعتبارها التجلي الأعظم والأشمل لها في واقع الحياة ف- وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبينَ‌ (الآيات: 16- 19).

ويربط القرآن بين خلقة الإنسان وبين حقيقة الآخرة، وذلك أن خلقته بما فيها من أطوار وتقديرات تكشف عن حكمةالخالق؛ وأنه لم يخلق الخلق عبثاً، ولن يتركهم سدى، والتي لا تكتمل من دون الإيمان بالآخرة التي هي عنوان الحكمة الإلهية، ومنتهى الإنسان وغايته التي تقتضيها تلك الحكمة، كما تقتضي العذاب الأليم للمكذبين بالحق (الآيات: 20- 24).

ومن رحلة الإنسان في آفاق نفسه ينطلق به السياق إلى آفاق الكون من حوله بموجوداته وظواهره، حيث جعل الله الأرض كفاتاً تضمه حياً وميتاً، وجعل فيها جبالًا راسية بأصولها في الأرض، شامخة بقممها في آفاق السماء، وسقانا منها ماءً فراتاً سائغاً للشاربين، وكل ذلك آيات لحكمة الله، وعلامات تهدي إلى ذلك اليوم، فالويل للمكذبين به (الآيات: 25- 28).

ولقطع دابر التبرير والكيد، اللذين يتخذهما المكذِّبون وسيلة لتكذيبهم، يصور السياق عاقبة المكذِّب، إذ يأتي النداء الإلهي إلى المكذبين في حال تكاد الحسرة تهلكهم لولا مشيئته تعالى؛ يقال لهم انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ‌ (يعني جهنم وعذابها) انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ‌ (وحيث النار، وما أدراك ما هي النار؟) إِنَّها تَرْمي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ فويل يومئذ للمكذبين من غضب الله وعذابه (الآيات: 29- 34).

وهنالك تنطق الحجة البالغة لله، ولا ينطق المكذبون باعتبارهم مُلْجَمَين بالحجج من جهة، وَ لا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ‌ من جهة أخرى، وكفى بهذا عذابا مهينا لهم بين يدي جبار السماوات والأرض، وأمام الخلائق في محشر يوم القيامة (الآيات: 35- 37).

ويتحدى السياق المكذبين من الأولين والآخرين، بهدف إذلالهم وإظهار صغارهم أمام الناس، حيث كانوا يتكبرون في الدنيا بما عندهم من السلطة والمال؛ يقول‌

اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 288
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست