responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 278

ويعالج السياق طائفة من الأفكار الخاطئة التي يتشبث بها المتسلطون والمترفون لدعم مواقعهم القيادية، منها الزعم أنه لولا رضا الله عنهم لما أوسع عليهم نعمة.

إذن فما في يد الكفار والطغاة من نعيم ليس دليلا على حب الله لهم، ولا على صحة منهجهم في الحياة .. بلى؛ إن عندهم مالا ممدودا، وأتباعا كثيرين وأبناء، وممهدة لهم وسائل العيش الرغيد، الذي لا يشبعون منه، بل يطمعون في زيادته .. ولكنهم ضالون عن الصراط السوي، جاحدون لآيات الله .. وبالتالي مستحقون لعذابه وانتقامه، والمقياس السليم للتقييم ليس المادة، بل القيم، وليس الدنيا بل الآخرة، والمترفون على عناد مع قيم الحق، وخاسرون في الآخرة، فهنالك لا يبقى لهم نعيم ولا أنصار، ولا مقام احترام كما هم في الدنيا، بل يتبدل واقعهم إلى قطع من العذاب الأليم والمهين، وتصبح كل نعمة أعطيت لهم وبالا عليهم حيث لم يؤدوا شكرها .. فهم أشد الناس عذابا لأنهم قد أملي لهم من فضل الله، ومن ألم ما يلقون عذابا الصعود المرهق (الآيات: 11- 17).

وليس إرهاقهم بالعذاب مجرد انتقام عبثي، بل هو انتقام متأسس على الحساب الدقيق والحكمة والعدل، فإنك حيث تحقق في سببه تجده منهجيتهم الخاطئة والضالة في الحياة، والتي ترتكز على التفكير المنحرف والتقديرات الخاطئة .. فإنها حقًّا هي المسؤولية عما يحل بهم من اللعن والقتل والعذاب، فهم الذين عبسوا وبسروا ثم أدبروا واستكبروا، وكان هذا موقفهم من الحق قيما وقيادة وحزبا، بل ذهبوا إلى أبعد من ذلك حينما رموا الحق بالتهم الرخيصة الباطلة، فقالوا إِنْ هذا إِلّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، وقالوا: بل هو من صنع البشر وليس رسالة من الله .. من دون دليل إلا للطعن فيه والتهرب من مسؤولية الإيمان، وإلا لتضليل الناس عن طريق الهدى وسبيل الرشاد (الآيات: 18- 25).

من هنا كان حقَ‌ا أن يعذب الله الكفار المعاندين باعتبارهم يبارزون رب العزة ويحاربون الحق، وبالذات كبراؤهم والملأ المترفين منهم، كالحكام الطغاة، وأصحاب الثروة، وأدعياء العلم، ولذلك يتوعد الجبار واحدهم بأشد العذاب، ويؤكد ذلك لرسوله (ص) وكل رسالي يقف على خط المواجهة وفي جبهة التحدي والصراع ضد الباطل بأنه سيصلي أعداءه وأعدائهم سقر، وهي أشد أقسام النار تلظِّيا وحرارة ورهبة بحيث لا يمكن لبشر أن يتصورها ويدري ما هي، إلا أن القرآن يشير إلى بعض صفاتها

اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 278
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست