مثلما تذرو الأعاصير الحطام ذرواً، ومثلما تحمل السحب وِقْر الغيث
إلى الأرض العطشى، ومثلما تجري السفن الثقيلة في البحر سيراً، و كما يقسم ملائكة
الله أرزاق العباد أمراً، كذلك وعد الله صدق حقاً حقاً. متى؟ في يوم الجزاء الذي
لا ريب فيه. (الآيات: 1- 6)
هكذا تنتظم آيات سورة الذاريات حول محور المسؤولية التي يهدينا إليها
التدبير القائم في الخليقة، وأن كل شيء خُلِق بقدر، وإلى أجل، ولحكمة بالغة ..
أفيترك هذا الإنسان الذي سُخِّرت له الأشياء سدىً؟ أو يمكن أن يكون خلقه عبثاً بلا
حكمة ولا هدف؟
كلا؛ قَسَماً بالسماء المنتظمة كحلقات الدرع المتينة؛ إن الرسالة حق،
وإنما اختلفوا فيها أو انحرفوا عنها لأنهم خراصون، إن يتبعون إلا ظناً، ولم يأخذوا
الأمور بجد، بل تغمرهم أمواج الأماني، ساهين عما ينتظرهم، ويسألون باستهزاء: متى
يأتي الجزاء؟ هل يدرون أيّان يوم الجزاء؟ عندما يُعرضون على النار عرضاً، وقبل أن
يلقوا فيها يُقال لهم ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذي كُنْتُمْ
بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (الآيات: 7- 14).
أوليس هذا الجزاء الحق كان لإيقاظ الإنسان من سباته، وإنقاذه من
غمرات