responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 182

ثالثاً: وفي المرة الثالثة يحذِّرنا السياق من الجدال في آياته، مبيِّناً- هذه المرة- الجذر النفسي لهذه اللعنة التي تصيب القلب، وهي الكبر الذي لن يبلغه صاحبه. وبعد أن يأمرنا بالاستعاذة بالله العظيم يهدينا إلى عظمة خلق الله للسماوات والأرض، ويوحي إلينا أن الكبر عمى والإيمان بصيرة، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، ثم يأمرنا بالدعاء لأنه شفاء من الكبر (الآيات: 56- 60).

وحسب المنهج القرآني الفريد، فإن الله يلقي على الأفئدة السليمة آياته (الآيات: 61- 62) ثم يحذِّرمن الجحود بها، لأن من يجحد بها يؤفك عن الحق (الآية: 63). ويعود يذكرنا بآياته المبصرة، وبأنه الحي الواحد، ويأمر رسوله بتحدي آلهة الزيف، ويذكرنا بأنه يحيي ويميت (الآيات: 61- 68).

رابعاً: ينهى عن الجدال في آيات الله (الآية: 69) وينذر الذين كذبوا بالكتاب بأنهم سوف يعلمون أي جريمة اقترفوا، وذلك حين توضع الأغلال في أعناقهم وفي السلاسل يُسحبون. (الآيات: 70- 71).

وكذلك يعالج داء الجدال بالتحذير من عاقبته الأخروية (الآيات: 72- 76)، ويُجمل السياق في خاتمة السورة بصائرها، من الأمر بالصبر (الآية: 77) اتباعاً لسنة الأنبياء (عليهم السلام)، والتحذير بعاقبة الاستهزاء (الآية: 78) والتذكرة بآية الله في خلق الأنعام، والأمر بالسير في الأرض للنظر في عاقبة المكذبين، وكيف دُمرِّوا فلم يغن عنهم ما كانوا يكسبون، وذلك أنهم حينما أنذرهم الرسل فرحوا بما عندهم من العلم، فحاق بهم ما كانوابه يستهزئون (الآيات: 79- 83). بلى؛ إنهم آمنوا في اللحظة الأخيرة حين رأوا بأس الله، ولكن سنَّة الله جرت بألا ينفع الإيمان في ذلك الوقت، وأنه قد خسر هنالك الكافرون (الآيات: 84- 85).

و كلمة أخيرة: إن الحقائق الكبرى الثلاث التي تحيط بالخليقة (التوحيد والبعث والرسالة) شواهدها وآياتها مبثوثة في الآفاق والأنفس، إلا إن حجباً سميكة تغطي البصائر عن رؤيتها والتفاعل معها، وتؤدي إلى الجدال في آياتها ودلائلها، والقرآن الكريم شفاء للقلب من تلك الحجب، وفي هذه السورة المباركة نجد نهجاً بديعاً وشفاءً سريعاً، وعلينا فقط أن نلقى السمع إلى آياتها بلا جدال.

اسم الکتاب : مقاصد السور المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 182
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست