responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 67  صفحة : 35

يستسعد بالقرب من الله تعالى فيفلح إذا زكاه، وهو الذي يخيب ويشقى إذا دنسه ودساه.
وهو المطيع لله بالحقيقة به، وإنما الذي ينتشر على الجوارح من العبادات أنواره، وهو العاصي المتمرد على الله، وإنما الساري على الأعضاء من الفواحش آثاره، وباظلامه واستنارته تظهر محاسن الظاهر ومساويه إذ كل إناء يترشح بما فيه.
وهو الذي إذا عرفه الانسان فقد عرف نفسه، وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه وهو الذي إذا جهله الانسان فقد جهل نفسه، وإذا جهل نفسه فقد جهل ربه ومن جهل بقلبه فهو بغيره أجهل، وأكثر الخلق جاهلون بقلوبهم وأنفسهم، وقد حيل بينهم وبين أنفسهم، فان الله يحول بين المرء وقلبه، وحيلولته بأن لا يوفقه لمشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته وكيفية تقلبه بين إصبعين من أصابع الرحمن وأنه كيف يهوى مرة إلى أسفل السافلين، ويتخفض إلى أفق الشياطين، وكيف يرتفع أخرى إلى أعلى عليين، ويرتقي إلى عالم الملائكة المقربين.
ومن لم يعرف قلبه ليراقبه ويراعيه، ويترصد ما يلوح من خزائن الملكوت عليه وفيه، فهو ممن قال الله تعالى فيه: " ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون " [1] فمعرفة القلب وحقيقة أوصافه أصل الدين وأساس طريق السالكين.
فإذا عرفت ذلك فاعلم أن النفس والروح والقلب والعقل ألفاظ متقاربة المعاني فالقلب يطلق لمعنيين أحدهما اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب الأيسر من الصدر، وهو لحم مخصوص، وفي باطنه تجويف، وفي ذلك التجويف دم أسود وهو منبع الروح ومعدنه، وهذا القلب موجود للبهائم، بل هو موجود للميت.
والمعنى الثاني هو لطيفة ربانية روحانية، لها بهذا القلب الجسماني تعلق وقد تحيرت عقول أكثر الخلق في إدراك وجه علاقته، فان تعلقها به يضاهي تعلق


[١] الحشر: ١٩.

اسم الکتاب : بحار الأنوار - ط دارالاحیاء التراث المؤلف : العلامة المجلسي    الجزء : 67  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست