عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَوْفِ بْنِ الْأَحْمَرِ قَالَ: (لَمَّا أَرَادَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عليه السلام المَسِيرَ إِلَى النَّهْرَوَانِ أَتَاهُ مُنَجِّمٌ فَقَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! لَا تَسِرْ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ وَسِرْ فِي ثَلَاثِ سَاعَاتٍ يَمْضِينَ مِنَ النَّهَارِ.
فَقَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عليه السلام
وَلِمَ ذَاكَ؟.
قَالَ: لِأَنَّكَ إِنْ سِرْتَ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ أَصَابَكَ وَأَصَابَ أَصْحَابَكَ أَذًى وَضُرٌّ شَدِيدٌ، وَإِنْ سِرْتَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي أَمَرْتُكَ ظَفِرْتَ وَظَهَرْتَ وَأَصَبْتَ كُلَّ مَا طَلَبْتَ.
فَقَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عليه السلام
تَدْرِي مَا فِي بَطْنِ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى؟.
قَالَ: إِنْ حَسَبْتُ عَلِمْتُ.
قَالَ لَهُ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ عليه السلام
مَنْ صَدَّقَكَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ قَالَ اللهُ تَعَالَى
إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ...) [1].
تفصيل القول
في البدء؛ هناك بصيرتان يمكن استقاؤهما من هذه الآية الشريفة.
البصيرة الأولى: أن قيم الناس تتفاوت؛ ليس في طبيعتها فحسب، وإنما في سُلَّم تفاضلها وفي التفاصيل. فما هي القيمة الأشد ضرورة في حياة الإنسان؟ وما هي القيم التي تتوالى بعد
[1] بحار الأنوار، ج 55، ص 223.