ثم إنّ الملائكة كانت قد سألت الله تعالى عن سبب اختيار الإنسان
ليكون خليفته في الأرض، فيما هي تقدّس لله وتلهج باسمه، فأنبأهم الله بأنه يعلم ما
لا يعلمون، وكان علمه سبحانه يُفضي إلى أنه قد خلق آدم ويعلم أن فيه القابلية على
استيعاب حقائق ولاية النبي صلى الله عليه واله وآل بيته عليهم السلام، وهم الذين
خُلق الوجود لأجلهم، وهم الذين فيهم بإذن الله واصطفائه القابلية على تجسيد نوره
وربوبيّته في الوجود، وبهم تعرفه الخلائق. ولولا القابلية التي وضعها الله في آدم
ليكون صلبه وعاءً لنور النبي محمد صلى الله عليه واله وآل بيته الطاهرين عليهم
السلام ربما لم يُسجِدِ الرَّبُ ملائكته له، وحيث التفتت الملائكة إلى هذه الحقيقة
أذعنت لأمر الله وسجدت لآدم عليه السلام الذي سيخرج النبي صلى الله عليه واله وأهل
البيت عليهم السلاممن صلبه؛ فكانوا حقًّا هم الكلمات التي جسّدت إرادة الله وحكمته
وكلّ اصطفائه.
وهناك كلمات بمعنى الامتحان، كما يقول ربّنا المتعال
وَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَ[2]، إذ ارتقى به ربّه إلى درجة الإمامة، حين اختبره بمجمل ابتلاءات،
نجح في عبورها.
وكذلك الكلمات تسمى عهدًا لله تعالى في بعض الحالات، حيث سبقت كلمته
لعباده الصالحين بالرحمة، كما سبقت كلمته أيضًا للمعاندين بالنار. والوعد والوعيد
كلمات لله تعالى.