بالشكر إلى الله تبارك وتعالى على ما يدفع عنه من الأخطار المكشوفة وغير المكشوفة، فضلًا عن النعم التي يلمسها ويشهدها.
الإمام الصادق عليه السلام يتحدّث عن لقمان
مما روي بشأن لقمان الحكيم وأسباب بلوغه إلى ما بلغه من المكانة السامية، قول مولانا وإمامنا جعفر الصادق عليه السلام، حيث جاء فيه: (أَمَا وَالله مَا أُوتِيَ لُقْمَانُ الْحِكْمَةَ بِحَسَبٍ وَلَا مَالٍ وَلَا أَهْلٍ وَلَا بَسْطٍ فِي جِسْمٍ وَلَا جَمَالٍ، وَلَكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا قَوِيًّا فِي أَمْرِ الله، مُتَوَرِّعاً فِي الله، سَاكِتاً سَكِيناً، عَمِيقَ النَّظَرِ، طَوِيلَ الْفِكْرِ، حَدِيدَ النَّظَرِ، مُسْتَغْنٍ بِالْعِبَرِ. لَمْ يَنَمْ نَهَاراً قَطُّ، وَلَمْ يَرَهُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى بَوْلٍ وَلَا غَائِطٍ وَلَا اغْتِسَالٍ لِشِدَّةِ تَسَتُّرِهِ، وَعُمُوقِ نَظَرِهِ، وَتَحَفُّظِهِ فِي أَمْرِهِ. وَلَمْ يَضْحَكْ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ مَخَافَةَ الْإِثْمِ، وَلَمْ يَغْضَبْ قَطُّ، وَلَمْ يُمَازِحْ إِنْسَاناً قَطُّ، وَلَمْ يَفْرَحْ لِشَيْءٍ إِنْ أَتَاهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، وَلَا حَزِنَ مِنْهَا عَلَى شَيْءٍ قَطُّ.
وَقَدْ نَكَحَ مِنَ النِّسَاءِ وَوُلِدَ لَهُ الْأَوْلَادُ الْكَثِيرَةُ، وَقَدَّمَ أَكْثَرَهُمْ إِفْرَاطاً، فَمَا بَكَى عَلَى مَوْتِ أَحَدٍ مِنْهُمْ.
وَلَمْ يَمُرَّ بِرَجُلَيْنِ يَخْتَصِمَانِ أَوْ يَقْتَتِلَانِ إِلَّا أَصْلَحَ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ يَمْضِ عَنْهُمَا حَتَّى تَحَاجَزَا، وَلَمْ يَسْمَعْ قَوْلًا قَطُّ مِنْ أَحَدٍ اسْتَحْسَنَهُ إِلَّا سَأَلَ عَنْ تَفْسِيرِهِ وَعَمَّنْ أَخَذَهُ، وَكَانَ يُكْثِرُ مُجَالَسَةَ الْفُقَهَاءِ وَالحُكَمَاءِ.
وَكَانَ يَغْشَى الْقُضَاةَ وَالمُلُوكَ وَالسَّلَاطِينَ، فَيَرْثِي لِلْقُضَاةِ مِمَّا ابْتُلُوا بِهِ، وَيَرْحَمُ المُلُوكَ وَالسَّلَاطِينَ لِغِرَّتِهِمْ بِالله وَطُمَأْنِينَتِهِمْ فِي ذَلِكَ، وَيَعْتَبِرُ وَيَتَعَلَّمُ مَا يَغْلِبُ بِهِ نَفْسَهُ وَيُجَاهِدُ بِهِ هَوَاهُ وَيَحْتَرِزُ بِهِ