responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : بينات من فقه القرآن المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 81

تفصيل القول:

إنّ من الوساوس الشيطانية ما هي عميقة الجذور في واقع الإنسان، وقد تتبلور في قوالب فلسفية مُضلة، ومنها أن الحق يتمثل فيما يفعله الإنسان أو يقوله، وتنفي هذه الفلسفة الشيطانية والثقافة الشريرة أي ميزان للحق والباطل خارج نفس البشر وإرادته، ويزعم أن الحق برمته والصواب بعينه يتمثل في فعل الإنسان وقوله. وبتعبير آخر: إن ما يقوم به ابن آدم يتحوَّل إلى حق وحقيقة.

وقد تبنَّى- البعض- هذه الفلسفة بعد البعثة النبوية عُرِفوا فيما بعد بالمُصوِّبة، ثم تسرَّبت إلى جملة من الغربيين فيما سُمِّي بالوجودية، وقادها جون بول سارتر في فرنسا، حيث جعل أساس فكرته أن الإنسان هو محور الخلق، وكفر بمحورية الحق والعقل وحتى إرادة الله تعالى.

ولكن رسالة السماء نزلت لتدحض هذه الأنانية البشرية مؤكدة أنَّ ثمة ميزانًا للحق يرسم حقيقة الحق وصورته، كما يُحدِّد أصل الباطل وملامحه، مشيرًا إلى أن العقل المتصل بوحي الله سبحانه وتعالى هو الذي يُحدِّد له جوانب الحق وزوايا الباطل ثم يتكامل.

وهذا الميزان يتجلَّى في كتاب الله وفي النبي والإمام؛ ذلك لأن الميزان الحق هو- في الأصل- إرادة الله سبحانه وتعالى، وإذا أراد أن يبلغ ابن آدم مراتب الشرف فعليه أن يتعلَّق بالإرادة الإلهية التي شاء الله أن تترجم في أرض الواقع على لسان الرسالة المُنزلة من عنده هو، وعلى لسان النبي والإمام المنصوبين من قبله هو. وإلى هذه الحقيقة السامية أشار الحديث النبوي الشريف بقوله:

(عَلِيٌّ مَعَ الحَقِّ، وَالحَقُّ مَعَهُ، لَا يَفْتَرِقَانِ حَتَّى يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ‌)[1].


[1] بحار الأنوار: ج 38، ص 95.

اسم الکتاب : بينات من فقه القرآن المؤلف : المدرسي، السيد محمد تقي    الجزء : 1  صفحة : 81
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست