المحيطة بنا والتي إذا ما نظرنا إليها نظرة البصير كوحدة واحدة، فسوف
نزداد خبرة بالسنن الإلهية الحاكمة في أرجاء الخليقة ومن خلالها نزداد عرفانًا
لربنا تعالى.
فمادُّ الظل وقابضه وخالق الشمس هو الذي جعل الليل لباسًا والنوم
سباتًا والنهار نشورًا، وهو الذي أرسل الرياح بُشرىً لرحمته، وهو الذي يُنزل من
السماء ماءً طهورًا ليغيث الناس بعد أن تراءى لهم شبح المجاعة.
هكذا يُعرِّف الله سبحانه نفسه للإنسان عبر صور تتكامل في خلقه، وفي
تكاملها آية تدبير، لئلَّا ينظر البشر إلى ما حوله من ظواهر بمنهجية تجزيئية،
لأنها لا توصل المرء إلى الحقيقة التامة.
إن المخلوق عاجز عن الإحاطة علمًا بربه، وإنما عليه أن يعرفه بأسمائه
ومن خلال آياته.
ثمة ثلاث زوايا ينبغي للإنسان التأمل فيها، وهي زوايا لمثلث واحد؛ هي
زاوية ظواهر الخلق، وزاوية آيات الخالق، وزاوية العلاقة بين الجوانب المختلفة من
خلق الله .. كيف تتكامل؟.
فهذه الشمس- مثلًا- أنظرُ إليها، فأرى فيها النور، وألمس منها
الدفء، وأستدل بها على الرَّبِّ خالقها، وأُدلِّل بجمالها على جانب من جماله،
وبعظمتها على شيء من عظمته، وبحركتها على جانب من جوانب هيمنته. فهاتان إذاً
زاويتان؛ زاوية الشمس المخلوقة، وزاوية آيات الرِّبِّ الخالق. وهناك زاوية ثالثة،
هي زاوية العلاقة بين الشمس وبين النظام المحيط بها؛ المؤثر فيها والمتأثر بها.