بقي الكلام في نذر الصيام في السفر و الإحرام قبل الميقات اللذين جعل الخصم لهما مؤيّدين لمدّعاه من التمسّك بالعموم.
و قد أجاب صاحب الكفاية عنهما بأنّهما-يعني الصوم في السفر و الإحرام قبل
الميقات-راجحان،و إنّما لم يأمر الشارع بهما لمانع يرتفع مع النذر،و من هنا
حكم بصحّتهما[1].
و لا يخفى أنّ هذا الوجه لا يمكن الحكم بصحّته،فإنّ مقتضاه الصحّة في
الامتثال و إن لم ينذر،لأنّ المانع إنّما هو من الأمر و ليس مانع من
الامتثال و المفروض رجحانه فعلا،و الفعل الراجح يصحّ الإتيان به متقرّبا
إلى اللّه و إن لم يأمر به بعد إحرازه رجحانه.
و أجاب ثانيا:بأنّ تعلّق النذر بهما اقتضى رجحانهما،و الرجحان المعتبر إنّما هو عند الامتثال لا عند النذر[2]،و لذا يصحّ نذر الحائض الصلاة في أيّام طهرها.و قد ذكر السيّد اليزدي هذا في عروته[3]،و أشكل الميرزا النائيني قدّس سرّه عليه في الهامش بأنّ مقتضى ذلك جواز نذر المحرّمات؛لأنّها بنفس النذر ترجّح[4].
و لا يخفى عدم ورود ذلك عليه؛إذ إطلاق دليل تلك المحرّمات كاف في التحريم، و
إنّما قال ذلك في خصوص نذر الصوم و نذر الإحرام لتحقّق الدليل في خصوص
هذين المثالين،فلو فرض ورود دليل في محرّم آخر غيرهما لقلنا به.
نعم،يرد على هذا الوجه أنّ هذا خلاف ظواهر الأدلّة فإنّها ظاهرة في اعتبار
الرجحان للفعل المنذور في نفسه و مع قطع النظر عن النذر لا أنّه بالنذر
يكون راجحا.