فنقول:ذهب جماعة[1]إلى أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن الضدّ العامّ بمعنى الترك مطابقة و آخرون[2]إلى أنّه يقتضيه بالتضمّن و آخرون[3]إلى الالتزام البيّن بالمعنى الأخصّ و آخرون[4]إلى البيّن بالمعنى الأعمّ.
و نحن نقول بأنّ المولى إذا أمر بشيء كالصلاة مثلا فالنهي عن ضدّه بمعنى
الترك فالنهي عن تركه،و إذا كان معنى النهي طلب الترك و متعلّقه الترك
فيكون معنى النهي عن ضدّه طلب ترك تركه،و معلوم أنّ الوجود و العدم امور
موجودة في دائرة التحقّق قطعا،فزيد الآن موجود قطعا و قبل ألف عامّ معدوم
قطعا،فالوجود و العدم امور متحقّقة في دائرة التحقّق و كلّ عنوان عداهما من
العناوين الانتزاعيّة عنها.
و حينئذ فطلب ترك الترك هو نفس الوجوب،و إذا اضيف إليه لفظ ترك آخر كان
عنوانا منطبقا على التحريم و إذا اضيف إليه لفظ ترك آخر كان وجوبا و هكذا، و
حينئذ فإذا كان طلب ترك الترك معناه هو الأمر بالشيء فهل يعقل البحث عن
أنّ الأمر بالشيء يقتضي الأمر بالشيء أم لا يقتضي؟و هل ينبغي أن يجعل هذا
محلاّ للبحث؟كلاّ ثمّ كلاّ،فالبحث عنه ساقط.
نعم،لو كان معنى النهي عن الضدّ الزجر عن الضدّ-كما هو الحقّ-لا طلب الترك كما ادّعاه الآخوند[5]كان
البحث عن الاقتضاء و عدمه متّجها؛إذ حينئذ يمكن أن يقال إنّ البعث للشيء
يقتضي الزجر عن تركه أم لا،إلاّ أنّ دعوى العينيّة حينئذ ساقطة كدعوى
الجزئيّة؛ضرورة أنّ البعث و الزجر من الصفات المتقابلة فكيف يدّعى
اتّحادهما أو جزئيّة أحدهما للآخر و هو واضح؟