ثمّ إنّ الوضع سواء كان هو التعهد[1]كما ذكرنا أو الوجود التنزيلي[2]أو اعتبار نفس الوضع[3]أو كونه علامة[4]أو
غير ذلك ممّا قيل في حقيقته لابدّ من أن يكون مسبوقا بتصوّر معنى،فذلك
المعنى المتصوّر للواضع تارة يكون معنى كلّيا و اخرى يكون معنى جزئيّا.
فإن كان كلّيا فتارة يضع اللفظ لذلك المعنى الكلّي،كما إذا تصور حقيقة
الإنسان الكلّية فوضع لتلك الحقيقة لفظ الإنسان مثلا،و هذا يسمّى بالوضع
العام؛لعموم المعنى المتصوّر عند الوضع،و الموضوع له عامّ؛لعمومه
أيضا،ضرورة كون المتصوّر هو ما وضع اللفظ بإزائه.
و اخرى يضع اللفظ لأفراد ذلك المعنى الكلّي باعتبار أنّه مرآة لها؛فإنّ
الكلّي مرآة لأفراده،و هذا القسم يسمّى بالوضع العامّ أيضا؛لعموم المعنى
المتصوّر، و الموضوع له خاصّ،لكونها أفراد ذلك الكلّي.
و إن كان المعنى المتصوّر جزئيّا فوضع اللفظ بإزائه ممّا لا ريب فيه كما في
الأعلام الشخصيّة،و يسمّى هذا بالوضع الخاصّ و الموضوع له الخاصّ لخصوصهما
معا.
و إنّما الكلام بين الأعلام في إمكان أن يكون الوضع خاصّا لخصوصيّة المعنى المتصوّر و لكن الموضوع له عامّ و استحالته،ذهب بعضهم[5]إلى الإمكان و المساواة