فهم المعنى من اللفظ هل هو محتاج إلى الوضع،أم إنّه غير محتاج إلى الوضع و
إنّما يكون من مناسبة بين اللفظ و المعنى تكون هي المتكفّلة لفهم ذلك
المعنى من اللفظ؟ المشهور هو الأوّل و نسب القول الثاني إلى بعض العامّة[1]فإن
أراد أنّ تلك المناسبة بين اللفظ و المعنى علّة لفهم المعنى منه فهذا باطل
بالوجدان و لا يتوهّمه أحد من العقلاء؛لأنّ لازمه أن يكون كلّ إنسان عالما
بكلّ لغة من اللغات و هو باطل وجدانا.
و إن أراد أنّ هذه المناسبة هي التي توجب أن يكون هذا اللفظ موضوعا لذاك
المعنى و ذاك اللفظ موضوعا للمعنى الآخر دون العكس؛ضرورة أنّه لو لم يكن
ربط بين هذا اللفظ و معناه و بين اللفظ الآخر و معناه لكان وضع هذا لهذا
المعنى و ذاك لذاك ترجيحا من غير مرجّح،و أنّه مستحيل إن كان الواضع هو
اللّه تعالى،و قبيح إن كان غيره،فهذا المعنى أمر ممكن إلاّ أنّ إثباته
يحتاج إلى دليل و برهان و هو مفقود في المقام.
[1]قال
العلاّمة:فذهب بعضهم إلى أنّ دلالة اللفظ طبيعيّة أي لذاته و هو منقول عن
عبّاد بن سليمان الصيمري و بعض المعتزلة و أصحاب الإكسير،انظر نهاية
الاصول:20(مخطوط)، و الفصول الغرويّة:23.