أما إذا
كان التخريب أو الحفر مانعين عن الانتفاع بالمسجد-لتخريب حيطانه أو سقفه،
أو حفر أرضه بمقدار لا يمكن الصلاة فيه-فيشكل الوجوب بل الجواز. أما إذا
كان مستند وجوب الإزالة هو الإجماع فلأنّ القدر المتيقن منه غير هذه
الصورة، أعني الصورة المتوقفة على التخريب المنافي للعبادة. وأما إذا كان
مستنده الأدلة اللفظية-من الآيات والروايات المتقدمة[1]على
تقدير تمامية دلالتها-فيكون المقام من صغريات باب التزاحم لوقوع المزاحمة
بين وجوب الإزالة وحرمة الإضرار بالمسجد، ولا بدّ من تقديم الأهم أو ما
يحتمل أهميّته. والإضرار بالمساجد على الوجه المذكور إن لم يقطع بأهميّته
فلا أقل من احتمالها، فلا يجوز التخريب أو الحفر على النحو المنافي
للانتفاع بالمسجد وإن بقي على النجاسة.
الفرع الثاني: هل يجب طمّ الحفر وتعمير الخراب في صورة الجواز أو لا؟قال في
المتن: لا يجب. وهو الصحيح، لا لما قيل من عدم شمول قاعدة الضمان بالإتلاف
إذا كان لمصلحة ذي المال، وفي المقام إنّما يكون الإتلاف لمصلحة المسجد
فلا ضمان على المتلف إذ يدفعه إنّه لم تثبت كبرى عدم الضمان لو كان الإتلاف
لمصلحة ذي المال، لأنّ إتلاف المال قد يوجب الضمان وإن كان الإتلاف لمصلحة
صاحبه، وذلك كما إذا توقف إنجاء نفس محترمة من الحرق-مثلا-على تخريب داره،
فإنّه لو لم يكن بإذنه، أو إذن الحاكم أو عدول المؤمنين حسبة-حيث أنّها من
الأمور الحسبيّة التي يعلم برضاء الشارع بأمثالها-لكان موجبا للضمان،
والقول بعدمه بدون الإذن مطلقا في غاية الإشكال.