responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 364

و ینشرح الصدر بشروق نوره علیه، و هو غایة ثمرة العبادات. و للذکر أول و آخر، فاوله یوجب الانس و الحب، و آخره یوجبه الأنس و الحب.
و المطلوب منه ذلک الحب و الانس. فان العبد فی بداءة الأمر یکون متکلفا بصرف قلبه و لسانه عن الوسواس و الفضول إلی ذکر اللّه، فان وفق للمداومة أنس به و انغرس فی قلبه حب المذکور. و من أحب شیئا أکثر ذکره، و من أکثر ذکر شی‌ء، و ان کان تکلفا، أحبه. و من هنا قال بعضهم: «کاءدت القرآن عشرین سنة، ثم تنعمت به عشرین سنة». و لا تصدر النعم إلا من الأنس و الحب، و لا یصدر الانس و الحب إلا من المداومة علی المکاءدة و التکلف مدة طویلة، حتی یصیر التکلف طبعا.
و کیف یستبعد هذا و قد یتکلف الإنسان تناول طعام یستبشعه أولا، و یکائد اکله، و یواظب علیه، فیصیر موافقا للطبعه حتی لا یصبر عنه؟ فالنفس تصیر معتادة متحملة لما تکلفت: «هی النفس ما عودتها تتعود».
ثم إذا حصل الانس بذکر اللّه انقطع عن غیر اللّه، و ما سوی اللّه یفارقه عند الموت، و لا یبقی إلا ذکر اللّه، فان کان قد انس به تمتع به و تلذذ بانقطاع العوائق الصارفة عنه، إذ ضرورات الحاجات فی الحیاة تصد عن ذکر اللّه، و لا یبقی بعد الموت عائق، فکأنه خلی بینه و بین محبوبه، فعظمت غبطته، و تخلص من السجن الذی کان ممنوعا فیه عما به انسه، و هذا الانس یتلذذ به العبد بعد موته إلی ان ینزل فی جوار الله، و یترقی من الذکر إلی اللقاء، قال الصادق (ع): «من کان ذاکرا للّه علی الحقیقة فهو مطیع، و من کان غافلا عنه فهو عاص، و الطاعة علامة الهدایة، و المعصیة علامة الضلالة، و اصلهما من الذکر و الغفلة، فاجعل قلبک قبلة للسانک، و لا تحرکه إلا باشارة القلب، و موافقة العقل، و رضا الایمان، فان اللّه
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 364
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست