بدؤک و إلیه عودک؟! و قد ورد: ان کل صلاة لا یتم الإنسان رکوعها و سجودها فهی الخصم الأول علی صاحبها یوم العرض الأکبر، و تقول: «ضیعک اللّه کما ضیعتنی!».
فصل (حقیقة الصلاة)
لا بحث لنا عما یتعلق بظاهرها من الاجزاء و الشرائط و الأحکام، إذ
بیانها علی عهدة الفقه. فلنشر إلی المعانی الباطنة التی بها تتم حیاتها، و
إلی الأسرار و الآداب الخفیة الباطنة المتعلقة باجزائها و شرائطها الظاهرة،
لتکون ملحوظة للعبد عند فعلها. فنقول: المعانی الباطنة، التی هی روح الصلاة و حقیقتها، سبعة: الأول- الإخلاص و القربة، و خلوها عن شوائب الریاء. و قد تقدم تفصیل القول فی ذلک. الثانی-
حضور القلب: و هو ان یفرغ القلب عن غیر ما هو ملابس له و متکلم به، حتی
یکون العلم مقرونا بما یفعله و ما یقوله، من غیر جریان الفکر فی غیرهما.
فمهما انصرف الفکر عن غیر ما هو فیه، و کان فی قلبه ذکر لما هو فیه من غیر
غفلة عنه، فقد حصل حضور القلب. ثم حضور القلب قد یعبر عنه بالإقبال علی الصلاة و التوجه، و قد یعبر عنه بالخشوع بالقلب، فان الخشوع فی الصلاة خشوعان: خشوع بالقلب: و
هو ان یتفرغ لجمع الهمة لها، و الاعراض عما سواها، بحیث لا یکون فی قلبه
غیر المعبود. و خشوع بالجوارح، و هو أن یغض بصره، و لا یلتفت، و لا یعبث، و
لا یتثاءب، و لا یتمطی، و لا یفرقع اصابعه،