و
لا حظ للسمع و البصر و الشم و البطن و الفرج فیها. و إلی ما یقصد لغیره،
أی تکون مطلوبة لأجل الغایة المطلوبة لذاتها و وسیلة إلیها، سواء أ کانت
مقصودة لذاتها أیضا أم لا. و هی تنقسم إلی أربعة اقسام:
القسم الأول- و هو الأقرب الأخص: الفضائل النفسیة
المذکورة فی هذا الکتاب، و یجمعها العلم و العفة و الشجاعة و العدالة، و
هذه مع کونها لذیذة فی نفسها، تکون وسیلة إلی النعمة التی هی غایة الغایات
بلا توسط وسیلة أخری. و لذلک قلنا: هی أقرب الوسائل و اخصها. و اشرفها
العلم، و أشرف افراد العلم: العلم باللّه و صفاته و ملائکته و رسله، و
أحوال النشأة الآخرة، و سائر افعاله، و علم المعاملة الراجع إلی علم
الأخلاق، إذ هو الذی یؤدی إلی السعادة الحقیقیة بلا توسط شیء آخر، و سائر
العلوم إنما هی مقصودة من حیث کونها وسائل إلی هذا العلم، و هذه الفضائل
لذیذة فی الدنیا و الآخرة نافعة فیهما، ای تؤدی إلی الراحة فیهما، و جمیلة
علی الإطلاق، ای تستحسن فی جمیع الأحوال. و ضدها- اعنی الجهل و الأخلاق
السیئة- ضارة مؤلمة فی الدارین، قبیحة علی الإطلاق. و سائر الصفات لیست
جامعة لهذه الاوصاف. فان أکل لذائذ الأطعمة و طیباتها یوجب اللذة و النفع،
أی حصول الراحة فی الحال، و لکنه ضار فی المآل، و ترک الشهوات بعکس ذلک. ثم
لذة المعرفة و فضائل الأخلاق دائمة لازمة لا تزول ابدا، لا فی الدنیا و لا
فی الآخرة، و عقلیة یختص بادراکها العقل دون سائر الحواس. و اما غیرها
من اللذات، فبعضها مما یشترک فیه الإنسان و بعض الحیوانات، کلذة الرئاسة و
الغلبة و الاستیلاء، و هذه اللذة موجودة فی الأسد و النمر و بعض اخر من
الحیوانات. و بعضها مما یشترک فیه الإنسان و سائر