responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 174

و ظهوره، فان شدة ظهور الشی‌ء قد یکون سببا لخفائه، لانه یکل المدارک و یحسرها، فشدة ظهوره- سبحانه- بلغت حدا بهرت العقول و ادهشتها، فضعفت عن ادراکه. و هذا کما ان الخفاش یبصر باللیل و لا یبصر بالنهار، لا لخفاء النهار و استتاره، بل لشدة ظهوره و ضعف بصر الخفاش، فان بصره ضعیف یبهره نور الشمس إذا اشرق، فتکون قوة ظهوره مع ضعف بصره سببا لامتناع إبصاره، فلا یری شیئا إلا إذا امتزج بالضوء الظلام و ضعف ظهوره، فکذلک عقولنا ضعیفة، و جمال الحضرة الإلهیة فی نهایة الإشراق و الاستنارة، و فی غایة الاستغراق و الشمول، حتی لم تشذ عن ظهوره ذرة من ملکوت السماوات و الأرض، فصار ظهوره سبب خفائه، فسبحان من احتجب باشراق نوره، و اختفی عن العقول و البصائر بشدة ظهوره! و لا تتعجب من اختفاء شی‌ء بسبب شدة ظهوره، فان الأشیاء إنما تستبان باضدادها، و ما عم وجوده حتی لا ضد له عسر ادراکه. فلو اختلفت الأشیاء، فدل بعضها علی اللّه- تعالی- دون بعض، ادرکت التفرقة علی قرب، و لما اشترکت فی الدلالة علی نسق واحد، اشکل الأمران، و مثاله نور الشمس المشرق علی الأرض فانا نعلم أنه عرض من الأعراض یحدث فی الأرض، و یزول عند غیبة الشمس، فلو کانت الشمس دائمة الإشراق لا غروب لها، لکنا نظن أن لا هیئة فی الأجسام إلا ألوانها، و هی السواد و البیاض و غیرهما، و أما الضوء فلا تدرکه وحده، لکن لما غابت الشمس و اظلمت المواضع أدرکنا تفرقة بین الحالتین، فعلمنا أن الاجسام قد استضاءت بضوء فارقها عند الغروب، فعرفنا وجود النور بعدمه. و ما کنا نطلع علیه لولا عدمه إلا بعسر شدید، و ذلک لمشاهدتنا الأجسام متشابهة غیر مختلفة فی النور و الظلام هذا مع أن النور أظهر المحسوسات، إذ به تدرک سائر المحسوسات، فما هو
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست