جامع السعادات - النراقي، المولى محمد مهدي

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 14

إلاّ ما سعی و أنّ سعیَه سوفَ یُری [1]. و قال: کلُّ نفسٍ بِما کَسبتْ رَهینةٌ [2].
أ فتری أن من استؤجر علی إصلاح أوان و شرط له أجرة علیها، و کان الشارط کریما یفی بوعده و شرطه، بل کان بحیث یزید علی ما وعده و شرطه، فجاء الاجیر و کسر الاوانی و افسدها جمیعا، ثم جلس ینتظر الاجر زعما منه أن المستأجر کریم، أ فیراه العقلاء فی انتظاره راجیا أو مغرورا متمنیا؟
و بالجملة: سبب هذا الغرور الجهل بین الرجاء و العزة، فلیعالجه بما ذکر هنا و فیما سبق.
ثم إن المغرور بعلو رتبه آبائه، ظانا ان اللّه تعالی یحب آباءه، و من أحب إنسانا أحب أولاده، أشد حمقا من المغرور باللّه، لأن اللّه- سبحانه- یحب المطیع و یبغض العاصی من غیر ملاحظة لآبائهما، فکما أنه لا یبغض الاب المطیع ببغضه للولد العاصی فکذلک لا یحب الولد العاصی بحبه للأب المطیع، و لیس یمکن أن یسری من الاب إلی الابن شی‌ء من الحب و البغض و المعصیة و التقوی، اذ لا تزر وازرة وزر أخری، فمن زعم انه ینجو بتقوی أبیه کان کمن زعم انه یشبع بأکل أبیه، او یصیر عالما بتعلم أبیه، او یصل الی الکعبة بمشی أبیه، فهیهات هیهات! ان التقوی فرض عین علی کل أحد، فلا یجزی والد عن ولده شیئا، و عند الجزاء یفر المرء من أخیه، و أمه و أبیه، و صاحبته و بنیه، و لا ینفع أحد أحدا الا علی سبیل الشفاعة، بعد تحقق شرائطها.
ثم العصاة المغرورون، اما لیست لهم طاعات، فتمنیهم المغفرة غایة

(1) النجم، الآیة: 39- 40.
(2) المدثر الآیة: 38.

اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي الجزء : 3 صفحة : 14

صيغة PDF

شهادة

الفهرست