responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 138

کحب الجمال و الحسن، فان کل جمال محبوب عند مدرکه، و ذلک لعین الجمال، لأن ادراک الجمال عن اللذة، و اللذة محبوبة لذاتها لا لغیرها. و لا تظنن أن حب الصورة الجمیلة لا یتصور إلا لأجل قضاء الشهوة، فان قضاء الشهوة لذة حیوانیة قد یحب الإنسان الصور الجمیلة لأجلها، و أدراک نفس الجمال لذة أخری روحانیة یکون محبوبا لذاتها. و لا ریب فی أن حب الصور الجمیلة بالجهة الأولی مذموم، و بالجهة الثانیة ممدوح، و العشق الذی یقع لبعض الناس من استحسان الصور الجمیلة یکون مذموما إن کان سببه اللذة الشهویة الحیوانیة، و یکون ممدوحا إن کان سببه الابتهاج بمجرد ادراک الجمال، و لأجل التباس السبب فی هذا العشق اختلف العقلاء فی مدحه و ذمه، و کیف ینکر حب الصور الجمیلة لنفس جمالها من دون قصد حظ آخر، مع أن الخضرة و الماء الجاری محبوبان لا لتؤکل الخضرة و یشرب الماء، أو ینال منهما حظ سوی نفس الرؤیة، و قد کان رسول اللّه (ص) تعجبه الخضرة و الماء الجاری. و الطباع الصافیة السلیمة قاضیة باستلذاذ النظر إلی الأنوار و الازهار و الأطیار الملیحة الألوان الحسنة النفس المناسبة الشکل، حتی الإنسان لتنفرج عنه الغموم بمجرد النظر إلیها من دون قصد حظ آخر منها. و بما ذکرناه ظهر ضعف ظن بعض ضعفاء العقول، حیث زعموا أنه لا یتصور أن یحب الإنسان غیره لذاته، ما لم یرجع منه حظ الی المحب سوی ادراک ذاته، و لم یعلموا أن الحسن و الجمال لیس مقصورا علی مدرکات البصر، و لا علی تناسب الخلقة، إذ یقال: هذا صوت حسن، و هذا طعم حسن، و هذا ریح طیب، و لیس شی‌ء من هذه الصفات مدرکة بالبصر، و کذا لیس الحسن و الجمال مقصورا علی مدرکات الحواس، لوجودهما فی غیرها، فان أکثر خصال الخیر یدرک بالعقل بنور البصیرة الباطنة، إذ یقال:
هذا خلق حسن، و هذا علم حسن، و هذه سیرة حسنة، و لا یدرک شی‌ء من هذه
اسم الکتاب : جامع السعادات المؤلف : النراقي، المولى محمد مهدي    الجزء : 3  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست