اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 645
وصل آخر
في مصباح
الشّريعة [1] قال الصّادق عليه السلام: «ما خسر و اللّه من أتى بحقيقة
السجود! و لو كان في العمر مرّة واحدة؛ و ما أفلح من خلا برّه في مثل ذلك الحال
تشبيها بمخادع نفسه! غافل عمّا أعدّ اللّه للسّاجدين من البشر العاجل و راحة
الآجل؛ و لا بعد عن اللّه أبدا من أحسن تقرّبه في السجود؛ و لا قرب إليه أبدا من
أساء ادبه و ضيّع حرمته بتعلق قلبه بسواه في حال سجوده، فاسجد سجود متواضع للّه
ذليل علم أنّه خلق من تراب يطأه الخلق، و أنّه ركّب من نطفة يستقذرها كلّ أحد. و
قد جعل اللّه معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب و السرّ و الروح، فمن قرب منه
بعد من غيره إلّا يرى في الظاهر أنه لا يستوى حال السجود الا بالتواري عن جميع
الأشياء و الاحتجاب عن كلّ ما تراه العيون، كذلك أمر الباطن، فمن كان قلبه متعلقا
في صلاته بشيء دون اللّه فهو قريب من ذلك الشيء بعيد عن حقيقة ما أراد اللّه منه
في صلاته قال اللّه عزّ و جل: ما جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ
قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ[2] و قال رسول الله صلّى اللّه عليه و
آله: قال اللّه تعالى:
لا أطلع على
قلب أحد فأعلم فيه حبّ الإخلاص لطاعة وجهي و ابتغاء مرضاتي إلّا تولّيت تقويمه و
سياسته، و من اشتغل بغيري فهو من المستهزئين بنفسه مكتوب اسمه في ديوان الخاسرين.
بيان: حقيقة
السجود هو الذي ذكره عليه السلام بقوله: «ما أفلح من خلا بربّه» إذ الخلوة مع
اللّه لا يتيسّر إلّا بالفناء عن كلّ شيء حتى عن نفسه و عن كونه فانيا، لأنّ
اللّه لا يخلو مع من يشرك به شيئا، «و بشر العاجل» هو انّ اللّه معه و يتولى أمره
و تقويمه، «و راحة الآجل» هي كونه فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ