اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 615
قيعان [1] الجنة، و كما ورد: أنّه من بعض
الأذكار يخلق الحور و الغلمان، الى غير ذلك فافهم. فإذا قام العارف بين يدي اللّه
بهذه الصّفة و لم ير في وقوفه و لا في تكبيره غير ربّه الّذي يفعل ما يشاء و يحكم
ما يريد و رأى اختصاصه تعالى برداء الكبرياء و استيثاره بإزار العظمة و البهاء
فحينئذ يراه متلبّسا بلباس الثناء، فيشرع بعد التسمية بالتحميد فيقول كما علّمه
ربّه:
الحمد للّه،
عواقب الثناء يرجع الى الاسم المقدّم و النّور الأعظم بمعنى أنّ كلّ ثناء على كون
من الأكوان فعاقبته الى اللّه أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ[2] و ذلك لأنّ
الثناء على أيّ شيء كان فهو على صفاته المحمودة و هي نتائج الصّفات الإلهية،
فالكلّ للّه الّذي ظهر لنفسه في صفاته في عالم الألوهية الّتي هي مرآة حقائق
الأسماء و الصّفات؛
ربّ
العالمين، الّذي أبدع آثار الأسماء وجودا نوريّا في مرتبة الرّوح الكلّي في العالم
الرّبوبي؛
الرّحمن،
الّذي رحم تلك الحقائق و الآثار حيث زعمت بلطافة مرتبتها و صفاء نوريّتها في هذه
العوالم القدسيّة انّهم أشياء بأنفسها و أنوار دون اللّه تعالى، فأظهرها في عالم
الشهادة حتى يتّضح لها أنّها فاقرة الذّوات هالكة الهويّات، فيعلموا أنّهم عباد
مربوبون و لا يملكون لأنفسهم ضرّا و لا نفعا و لا أنفسهم ينصرون، و هذا و إن كان
في الظاهر عقوبة مرتّبة على ذلك العصيان إلّا أنّه رحمة عظيمة و امتنان؛
الرّحيم، بأن
رحمهم حيث خلصهم من ورطة الطبع بظهور تلك الأنوار في النشأة الإنسانية الّتي هي
الكلمة الجامعة فهو رحمن العالمين و رحيم المؤمنين،
[1] .
قيعان: جمع قاع: أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال و الاكام.