اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 573
بسباخ [1] لكنّها حيّة عامرة، و فيها الحيوان
كلّها، و فيها نبات مغروس في الحياة، و فيها بحار و أنهار جارية و ما يجري جريا
حيوانيا، و فيها الحيوانات المائية كلّها، و فيه هواء و فيه حيوانات هوائيه شبيهة
بذلك الهواء، و الأشياء التي هناك حية كلّها، و كيف لا تكون حيّة و هي في عالم
الحياة المحض لا يشوبها الموت. و طبائع الحيوان التي هناك مثل طبائع هذه الحيوانات
الّا انّ الطبيعة هناك أعلى و أشرف من هذه الطبيعة لأنّها عقلية ليست حيوانية
البتة.
فمن أنكر
قولنا و قال: من أين يكون في العالم الأعلى حيوان و سماء و سائر الأشياء التي
ذكرنا؟
قلنا: انّ
العالم الأعلى هو الحيّ التامّ الذي فيه جميع الأشياء لأنّه أبدع من المبدع الأوّل
التامّ: ففيه كلّ عقل و كل نفس. و ليس هناك فقر و لا حاجة البتة، لأنّ الأشياء
التي هناك مملوءة غنى و حياة كأنّها حياة تغلى و تفور. و جرى حياة تلك الأشياء
انما ينبع من عين واحدة لا [2] كأنّها حرارة واحدة أو ريح واحدة فقط،
بل كلّها كيفيّة واحدة فيها كلّ كيفية، يوجد فيها كلّ طعم. و نقول: انّك تجد في
تلك الكيفية الواحدة طعم الحلاوة و الشراب و سائر الأشياء ذوات الطعوم و قواها و
سائر الأشياء الطيّبة الروائح و جميع الألوان الواقعة تحت البصر و جميع الأشياء
الواقعة تحت اللّمس و جميع الأشياء الواقعة تحت السمع أي اللّحون كلّها و أصناف
الإيقاع و جميع الأشياء الواقعة تحت الحسّ؛ هذه كلّها موجودة في كيفية واحدة
مبسوطة على ما وصفنا، لأنّ تلك الكيفيّة حيوانيّة عقلية تسع جميع الكيفيات التي
وصفنا و لا يضيق عن شيء منها من غير أن يختلط بعضها ببعض و يفسد بعضها ببعض، بل
كلّها فيها محفوظة كأنّ كلّ واحد منها قائم على حدة.