اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 399
إنّما يحاذي
بمرآته شطر الحقّ و الغنيّ المطلق، و شأن المرآة المصيقلة الانعكاس بما [1] يحاذيها، فلذلك تجلّى في رسول اللّه
صلّى اللّه عليه و آله ذات الحق و صفاته و افعاله جميعا فوجهه وجه اللّه «فمن رآني
رأى الحق» و يده يد اللّه إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ[2] و كلامه كلام اللّه إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ
يُوحى[3] و فعله فعل اللّه وَ ما رَمَيْتَ إِذْ
رَمَيْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ رَمى[4] فباللّه يسمع و به يبصر و به يبطش و به يمشي، فهو وجه اللّه و عينه
و يده و لسانه المعبّر عنه و جنبه- الى غير ذلك، و هو العبد المحض الّذي قد طهّره
اللّه من كلّ رجس أي من كلّ ما يشينه، فإنّ الرّجس: القذر [5] كما حكى الفرّاء؛ و لذلك اختار نبيّنا
صلّى اللّه عليه و آله تلك المنزلة كما في الأخبار فقد ورد: «عن ابن عباس قال: بينما
رسول صلّى اللّه عليه و آله و معه جبرئيل يناجيه، إذا انشقّ أفق السّماء فأقبل
جبرئيل يتضاءل
[6] و يدخل بعضه
في بعض و يدنو من الأرض، فإذا ملك قد مثّل بين يدي [7] رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله
فقال: «يا محمّد! انّ ربّك يقرئك السّلام و يخيّرك بين أن تكون نبيّا ملكا و بين
أن تكون نبيّا عبدا» قال عليه السلام: فأشار جبرئيل إليّ بيده:
ان تواضع.
فعرفت أنّه لي ناصح، فقلت: عبدا نبيّا فعرج ذلك الملك الى السّماء»
[5] .
الفتوحات، ج 1، ص 331 عن الفراء و الفرّاء، هو أبو زكريا يحيى بن زياد الفراء
المتوفي في 207 ه و له «معاني القرآن» المطبوع (راجع: معاني القرآن للفرّاء).
[6] .
يتضاءل: التضاؤل: الحركة نحو الصغر و الضعف كالتكاثف (منه- هامش نسخة م، ص 79)؛
جبرئيل: الظاهر أن يكون هذا الملك إسرافيل (كذا افيد و ظاهرا الإفادة من الشّارح.
هامش نسخة م، ص 79).