اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 372
سلف مرارا من
أنّ [1] اللّه سبحانه أجلّ من أن يصل
بكنهه عقل أو يحيط به فهم أو يتمثّل في ذهن أو يمثّله و هم.
قد يئست من
استنباط الإحاطة به طوامح العقول، و نصبت عن الإشارة إليه بالاكتناه بحار العلوم،
و رجعت بالصّفر [2] عن السّموّ الى وصف قدرته لطائف الخصوم.
هذه الفقرات
الثلاث، استيناف بيان للأحكام الثلاثة من غير ترتيب و لهذا لم يعطف. و «الطّامح»
بمعنى المرتفع و الّذي أبعد في الطّلب، و المراد هنا الثاني بقرينة «الاستنباط» أو
هو من «استنبط الماء». و المعنى: العقول الغائرة في طلب الشيء، المتناهية في
البعد. و «نضب» الماء نضوبا: غار و سفل. و «الصّفر»: الخالي.
و «السّمو»:
العلوّ و هو متعلّق بالرّجوع و الجار و المجرور الثاني متعلق بالسموّ.
و «الخصوم»
جمع «خصم» على المصدر قال في الصّحاح: «الخصم»، معروف و يستوي فيه الجمع و المؤنث
لأنه في الأصل مصدر و من العرب من يثنّيه و يجمعه فيقول خصمان و خصوم [3]- انتهى. و
المراد هنا المخاصمات اللّطيفة و المباحثات الدّقيقة. و في العبارات الثلاث من حسن
البلاغة ما لا تلقّي لإشاراته.
و بالجملة،
انّه لا تستغرقه الأفهام و لا يحيط به، إذ قد يئست من طريق استنباط الإحاطة به
العقول الشديدة الغور في الأشياء، فضلا عن أصل الإحاطة؛
و كذا هو
سبحانه لا يصل الى كنهه علم أحد من العلماء- سواء الملائكة و الناس- بل الى وجه من
وجوهه إذ لا وجه له بل كلّه كنهه إذ البسيط الحقيقي لا وجه له سوى كنهه، إذ قد
نضبت و غارت بل نفدت عن الإشارة إليه بالوصول