اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 340
ذلك، و لو لم يشأ
لم يأكلا، و لو أكلا لغلبت مشيّتهما مشيّة اللّه.
ثمّ انّه
عليه السلام أراد التوضيح و التبيين: فمثّل للصورة الأولى- أي النهي مع مشية
الخلاف- بحكاية أبينا آدم عليه السلام لأنّ اللّه جلّ مجده نهاه و زوجته عن أكل
الشجرة و هو عزّ شأنه شاء بالإرادة العزميّة أنّهما إن أرادا أكلها أن يأكلا، فبعد
إرادتهما ثم الاقتطاف و الإيصال الى الفم و تحريك العضلات وجب الفعل و حتمت
الإرادة، فهو سبحانه شاء أكلهما و لو لم يشأ أكلهما بالإرادة العزمية، لم يأكلا و
لم يتحقّق الإرادة الحتمية، إذ لو أكلا مع مشيّته سبحانه عدم أكلهما كما هو ظاهر
النهي، لغلبت مشيّتهما مشيّة اللّه.
و أمر
ابراهيم بذبح ابنه عليهما السلام، و شاء أن لا يذبحه، و لو لم يشأ أن لا يذبحه
لغلبت مشيّة ابراهيم مشيّة اللّه عزّ و جلّ.
مثل للثانية-
و هي الأمر بشيء مع مشيّة عدمه- بحكاية إبراهيم عليه السلام حيث أمره اللّه تعالى
بذبح ابنه لكن شاء عدم ذبحه، إذ لو لم يشأ عدم ذبحه لكان يشاء ذبحه على ما هو
مقتضى الأمر، و الّا لزم العبث. و لمّا لم يقع الذّبح كما هو مشية إبراهيم عليه
السلام بحسب محبة الولد بحكم الطبع و الجبلّة، فلو انّ اللّه شاء ذبحه، لزم من ذلك
غلبة مشية إبراهيم عليه السلام مشيّة اللّه تعالى.
و بالجملة،
المقرّر في شرع الإيمان و ملّة البرهان، انّه لا يكون شيء في الأرض و لا في
السماء الّا بمشيّة و إرادة من اللّه تعالى: إمّا «عزم» كما في الحوادث الكونية و
الأمور الجزئية و إمّا «حتم» كما في المصالح الضروريّة و الحكم الواجبة.
أمّا انّه لا
يكون شيء الّا بمشيّته سبحانه بقسميها فلأنّ تلك الأمور انّما يستند أوّلا الى
النفس الكليّة أو النفوس المسخّرة و هما مظهر المشية الحتميّة و العزميّة؛ و أمّا
انّه لا يكون شيء الّا بإرادته تعالى بقسميها فلأنّ كلّ ما في الكون فانّما يكون
ثانيا من
اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 340