اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 339
و «إرادة عزم»
ينهى و هو يشاء و يأمر و هو لا يشاء.
«الإرادة
الحتمية»، هي المتعلّقة بإيجاد أوائل الموجودات و أصول الكون و الفساد كالموادّ و
الطّبائع و الحركات و غيرها مما يجب في النّظام المحكم أن يكون و لا يمكن أن لا
يكون. و «الإرادة العزمية» هي المتعلّقة بالأمور المتسبّبة عن الحركة و استعداد
المادّة فاذا استعدّت المادة بسبب اختلاف الحركات و تصادم الأوضاع و تناظر الأسباب
و ارتفاع الموانع و تحقّق الشرائط لصورة من الصور الكونيّة فانّ اللّه واهب تلك
الصّورة [1] لهذه المادّة، لأنه عزّ شأنه قد حكم على نفسه بمقتضى جوده
حكما كليّا أن يهب كلّ مستحقّ ما استحقّه و يعطي كلّ ذي حقّ حقّه؛ فإرادته تعالى
لوجود تلك الصّورة ليست حتما و إلّا لما تخلّف عنها المراد في بعض المواد الّتي
تصادم المانع، إذ لا رادّ لإرادته الحتميّة و لا معقّب لمشيّته الواجبة و إن كانت
يصير حتما عند حصول الشرائط و ارتفاع الموانع بمقتضى الحكم الكلّي الّذي ذكرنا.
إذا دريت ذلك ففي الصورة المذكورة نقول انّه سبحانه نهى عن اتخاذ الآلهة المعبودة
دونه و عن كلّ ما يصدّ عن سبيله، لكن أراد بالإرادة العزميّة انّه إن قبض
السّامريّ قبضة من أثر الرّسول و نبذها فيما صيغ على صورة العجل، أن يخور. فالخوار
بالإرادة الحتميّة، لأنّه مع وجود الشرائط. و الصّيغة و النبذ بالإرادة العزميّة.
و ذلك لأنّ اللّه يأبى أن يجري في ملكه الّا ما يشاء و هو سبحانه منزّه عن الظلم و
الفحشاء فهو سبحانه ينهى و يشاء خلافه بالإرادة العزميّة، و يأمر و هو لا يشاء
المأمور به كذلك. فلو كانت حتميّة لامتنع النهي في الأولى و الأمر في الثانية. و
كفاك هذا هاهنا و سيأتيك إن شاء اللّه في آخر الكتاب ما يزيدك علما و إيمانا.
أو ما رأيت
أنّه نهى آدم و زوجته عن أن يأكلا من الشّجرة و هو شاء