اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 300
محمولا. و السؤال
«بأين؟»، سؤال عن نسبة المكان و لمّا كان اللّه سبحانه استوى نسبته من كل شيء فمن
قال له «أين»- أي الى أيّ مكان ينسب [1] «فقد أخلى منه» أي جعل الأمكنة الباقية خالية عن نسبته تعالى، أو من
جعل له مكانا ينتسب إليه، فقد جعل ذلك المكان خاليا من إحاطته إذ يكون حينئذ
مصاحبا لظاهر ذلك المكان- إذ المكان هو السطح- فيكون باطن ذلك المكان خاليا منه و
لا يخلو عنه شيء في أرضه و سمائه. و من قال وجوده الى أيّ زمان ينتهي أو الى أيّ
زمان ينسب، فقد جعل له وقتا و لفظة «م» مخفّف «ما» بمعنى أيّ شيء و قد شاع
تخفيفها إذا اتّصل بتلك الكلمات و نظائرها.
عالم إذ لا
معلوم، و خالق إذ لا مخلوق، و ربّ إذ لا مربوب، و إله إذ لا مألوه.
قد سبق
تفاسير هذه الفقرات و ذكر الصفات الذاتية و الفعلية لبيان انّه لا تفاوت بينها في
عدم استدعاء الطرف الآخر كما هو سبيل الأمور الإضافية.
و قد سبق أنّ
صدق هذه الجمل لا يختصّ بالأزل كما يفهمه الأكثر بل صادقة أزلا و أبدا، إذ العالم
و المعلوم يقتضي الاثنينيّة و لا ثاني له تعالى- لا من خلقه و لا من غير خلقه-
بالبراهين الّتي ذكرنا، فهو ذات علّامة خلّاقة ربّ إله أزلا و أبدا من دون أن
يحتاج في ذلك الى أحد سواه تعالى الملك القيّوم، حيث كان الكل هالكا [2] عند وجهه
الكريم. و تحت هذا أسرار لا ينبغي إفشاؤها و الى اللّه المشتكى!
و كذلك يوصف
ربّنا و هو فوق ما يصفه الواصفون «و كذلك يوصف ربّنا» في الأبد كما وصف بذلك في
الأزل؛ فأتى عليه