اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 287
فطرهم حين أخذ
ميثاقهم على معرفة انّه ربّهم حيث قال لهم أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ[1] و فيهم المؤمن و الكافر، و أراهم نفسه
معاينة و الأشخاص النوريّة الّتي هي مظاهر ربوبيّته، كما ورد في رواية: «انّ
الفطرة هي لا إله الا اللّه و محمّد رسول اللّه و علي وليّ اللّه الى هاهنا
التوحيد» [2] و لو لا ذلك لم يعرفوا من
ربّهم و لا رازقهم و قد سبق منّا تحقيق الفطرة على التوحيد [3]. و نقول هنا: انّ الإنسان إذا ولد مع
سذاجة لوح نفسه عن جميع نقوش المعلومات، يطلب الرّزق من أي شيء كان سواء كان أمّه
أو غير ذلك، ثم إذا ترقّى قليلا يعرف الرازق و المربّي و الكافل، الى أن ترعرع
كثيرا فيثبت لكلّ موجود مربيا و كافلا مقيتا و حافظا نصيرا و لا تفاوت في ذلك
للمؤمن و الكافر. و لا شك انّ الرازق في الحقيقة هو الّذي يرزقكم في بطون أمّهاتكم
لا تعلمون شيئا
[4] و كان اللّه
على كلّ شيء كفيلا و هو الّذي يكلؤكم في الليل و النّهار [5].
و بالجملة،
من هذه العبارة يظهر انّ معرفة جمهور العباد انّما يتعلّق بمرتبة الرّبوبيّة و
عليها فطرتهم؛ و أمّا مرتبة الألوهيّة فانّما حصول المعرفة بها للرّسل المكرّمين و
الأنبياء و الأولياء المقرّبين و المؤمنين الممتحنين؛ و أمّا مرتبة الأحديّة
الذّاتية الصّرفة فبمعزل عن العباد و الملائكة أجمعين، إذ لا وصف في تلك الحضرة و
لا رسم و لا اسم لهذه المرتبة فلا يتعلّق بها معرفة عارف، و لا يحوم [6] حومها وصف
واصف.