اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 278
نفسه أنه كيف
ينبغي أن يخلق العالم حتّى يتصور [1] الأشياء في ذهنه و يروّي [2] في إتقان صنعه ثم شرع في خلق الخلائق واحدا بعد واحد كما روّى و فكر
أوّلا، تعالى عن ذلك؛ إذ الرويّة: إمّا أن يكون نفسه تعالى فالرويّة لا يروّي و
الّا لزم التّسلسل أو غيره: فإمّا لا من شيء فيكون من الأوائل و الباري سبحانه
أوّل الأوائل فكيف يحتاج الى ما خلق؛ و إمّا أن يكون من شيء فاللّه سبحانه قبل
ذلك الشيء و قبل الرويّة الّتي أخذت من ذلك الشيء.
و كذا إنشاء
الأشياء و ابتدأها بلا قريحة غريزة، أي بلا استنباط طبيعة أضمر على ذلك الاستنباط
و سنح بضميره [3] تعالى؛ إذ الاستنباط انّما يكون بالقضايا أو النتائج و
الأول في الفكر، و الثاني في الحدس، و كلّ ذلك انّما يكون من الأمور المأخوذة من
الحواس.
و بالجملة
الفكر و الرويّة قبل الفعل انّما يكون لضعف قوّة الفاعل على أن يرى الشيء قبل
كونه، فيحتاج الى أن يراه قبل فعله لخوفه من أن يكون الشيء على خلاف ما ينبغي أن
يكون، و الباري تعالى فاعل بأنّه و نفسه الّتي هو نور الأنوار فلا يحتاج الى أن
يسبق في علمه و حكمته أنّه كيف ينبغي أن يكون، لأنّه تامّ و فوق التّمام و الصّادر
من الشيء الّذي فوق التمام في غاية التماميّة.
ثم اعلم أنه
أبطل عليه السلام بذلك، القول ب «العلم الإجمالي»، و العلم بالصّور و ما يشبه ذلك.
و كذلك لم
ينشأ الأشياء المحكمة المتقنة في غاية الإحكام و الإتقان من تجربة استفادها من
مرور الحوادث الزّمانية؛ فانّه إمّا أن يكون تلك الحوادث بلا أوّل،