اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 265
بيان للمداخل أي
الطّرق الّتي هي غير الصّفات الّتي لا تبلغه؛ إذ قد ثبت انّه لا يحيط به الصفات
فطريق الصّفات غير مطمع في الوصول إليه، بل من طريق آخر يحسبه العقول أوّل وهلة
انّه يمكن الوصول منه إليه عزّ شأنه. و إيراد قوله «من حيث لا تبلغه الصّفات»
لبيان علّة الرجوع و عدم الوصول، لأنّه إذا لم تبلغه الصّفات فكيف تبلغه العقول.
ردعت خاسئة و
هي تجوب مهاوي سدف الغيوب متخلّصة إليه سبحانه.
«ردعه»،
كمنعه: كفّه و ردّه. و «خسئ» الكلب: بعد و «خسئ» البصر:
كلّ. و «الجوب»:
قطع البلاد و السير فيها. و «المهاوي»، جمع مهواة، و هي الجوّ و عمق الشيء و ما
بين الجبلين و «السّدف» جمع سدفة (بالضم) و هي اختلاط الظلام. و جملة «و هي تجوب»،
حاليّة و قوله: «متخلصة»، حال من الضمير المرفوع في «تجوب» أي إذا أرادت العقول
علم ذاته أو معرفة صفاته و ألوهيّته، ردّت عن ذلك المنظر العالي كليلة الأبصار و
سقطت عن هذا الموضع الشامخ بعيدة عن الوصول الى العزيز الجبّار، حين تجوب و تقطع
في السقوط ما بين جبال أشعّة نور الأنوار الفائضة على الأعيان و جبال ظلمة هياكل
عالم الإمكان من الموجودات الغائبة عن الحواس من العقول و النفوس، و لا يصل عقله
الى ما وراء ذلك حين يطلب التخلّص من هذه الظلمة منقطعة عن الكلّ متوجهة الى اللّه
مقبلة إليه، بأن يرى الكلّ نوره و لا يرى غيره و هذا غاية سير السّالكين الى اللّه
بقدم المعرفة.
و الحاصل،
أنّ الممكن للعقول بعد تحديق الأنظار و تدقيق الأفكار هو ذلك المقام دون أن تصل
الى ذاته و صفاته تعالى.