اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 197
و الثالثة، و هي قوله: «و أحصاها حفظه» للإحاطة القيّوميّة
الإمساكيّة؛
و الرّابعة، و هي قوله: «لم تعزب عنه» للإحاطة النوريّة الإلهيّة؛
و على هذا، يمكن أن يكون استدراكا للسّوابق على الإجمال، و أن يكون
الاولى استدراكا لجملة «لم يحلل فيها»، و الثانية و الثالثة لجملة «لم ينأ عنها» و
الرابعة لجملة «لم يخل منها»
فحاصل الجمل الاستدراكيّة و المستدركة منها هو أنّ اللّه تعالى مع
كلّ شيء [1] لا بمقارنة حلول أو اتّحاد، أو أن
يكون سنخا للأشياء حتى يكون في كلّ شيء جزءا منه كما يقولون: انّ في آدم عليه
السّلام جزءا من الألوهية على ما يزعمه العادلون باللّه، بل معيّته للأشياء إنّما
هو بكونه محيطا بها علما لأنّه أحاط بكلّ شيء علما؛
و كذا هو سبحانه لم يبعد عن الأشياء: لأنّه أحكم صنعها و خلقها [2] و هو علّة كلّ شيء و أيّ شيء أقرب
إلى الشيء من علّته، إذ هو مذوّت ذاته، فهو أقرب إلى الذات من الذّات؛ و لأنّه
أحصى كلّ شيء بقيّوميته [3]، و أمسكه بحفظه، حيث قامت به السّماوات إلى الأرض السابعة، و ببقائه
بقيت النّشئات الوجودية؛ فمعنى «أحصاها حفظه»: إمّا ما قلنا، لأنّ الحافظ للشيء و
قيّومه، لا محالة يكون محصيا له و إمّا أن يكون أحصاها بعلمه لأنّه أحصى كلّ شيء
عددا و بعلمه أحصى كلّ شيء كما هو طريقة الفيثاغورسيّين
[4] في علم اللّه تعالى؛ إذ هم يقولون: أصل الموجودات هي الأعداد؛
فالمعدود الّذي فيه اثنينيّة هو العقل بجهة