اسم الکتاب : شرح توحید صدوق المؤلف : القمي، القاضي سعيد الجزء : 1 صفحة : 195
و أيضا، كلّ كائن لا بدّ أن يكون فاسدا و أقلّ ذلك فيما نحن فيه أن
يكون بفساد محلّه.
و لبطلان الثاني، أيضا طرق، أشرفها ما أفاده عليه السّلام بقوله:
«فيقال هو منها باين» إذ حقيقة قولنا: «هو من ذلك الشيء باين و بعيد»، هو أن يكون
ذلك في حدّ و هذا في حدّ آخر، و أنّ لذلك ذاتا تقابل هذا و أنّ هذا غير محيط بذلك،
و أنّ هذا يعزب عن ذلك، و اللّه سبحانه ليس في حدّ و الأشياء في حدّ آخر، و اللّه
لا يفوته شيء و انّه بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ[1] و انه
لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ[2] و انّ الكلّ هالك عند وجهه الكريم
[3] و خضعت الوجوه للحىّ القيّوم
[4].
و أمّا بطلان الثالث، فبما أشار عليه السلام بقوله: «فيقال له أين» و
تقريره انّ كونه سبحانه خاليا من الأشياء صحيح من وجه و غير صحيح من وجه آخر:
أمّا الوجه الصحيح، فهو انّه خال من الأشياء بمعنى انّه ليست الأشياء
فيه، إذ كون الشيء في الشيء حلول و هو يستلزم القبول و الاستعداد [5] لا محالة و لذلك قد ورد في الأخبار:
«ان اللّه خلوّ من خلقه و خلقه خلوّ منه» [6].
و أمّا الوجه الغير الصحيح، فلأنّ الخلق إنّما صدر عنه، و مصدر
الشيء و علّته محيط بالشّيء و لذا قيل في الحكمة القديمة: «مالك الأشياء هو
الأشياء كلّها»