يحتمل أن يراد بهؤلاء الموصوفين بالايمان بما أنزل على جميع الأنبياء
و باليوم الآخر، أعيان المذكورين سابقا، كلّا أو بعضا و توسيط العاطف هاهنا
كتوسيطه بين الصفات في قولك: هو الشجاع و الجواد و قوله:
إلى الملك القرم و ابن الهمام
و ليث الكتيبة في المزدحم
على معنى انّهم الجامعون بين الايمان العلمي و لوازمه- من التقوى عن
محارم اللّه و العمل بما فرضه اللّه عليهم من العبادات البدنية و الماليّة- و بين
الايمان الكشفي بما لا يستقلّ العقل بإثباته من كيفيّة إنزال الوحي على الأنبياء و
أحوال البعث و الحشر.
أو انّهم الجامعون بين المعقول و المسموع من الايمان باللّه و اليوم
الآخر مع العمل الصالح.
و كرّر الموصول تنبيها على تباين المسلكين و تفاوت المنقبتين. و
يحتمل أن يراد بهم طائفة اخرى و هم مؤمنوا أهل الكتاب، كعبد اللّه بن سلام و
أترابه، من الذين آمنوا باللّه، لا عن شرك. فاشتمل ايمانهم على كلّ وحي انزل من
عند اللّه و أيقنوا بالآخرة ايمانا زال معه ما كانوا عليه من أنّه: لا يدخل الجنّة
إلّا من كان هودا أو نصارى، و أن النار لن تمسّهم إلّا أياما معدودات، و من
اختلافهم في نعيم الجنّة كالتلذّذ بالمطاعم و المناكح، أهو على حسب مجراها في
الدنيا أم غيره، و اختلافهم في الدوام و الانقطاع.
فعلى هذا إما أن يكون هذه الجملة معطوفة على الّذين يؤمنون بالغيب،
فيكون هؤلاء داخلين مع المذكورين أولا في جملة المتقين، دخول أخصّين متقابلين تحت
أعمّ.
و جهة التباين انّ المراد بأولئك هم الذين آمنوا عقيب شرك و إنكار، و
بهؤلاء مقابلوهم ممّن
اسم الکتاب : تفسیر القرآن الکریم المؤلف : الملا صدرا الجزء : 1 صفحة : 293