responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آلاء الرحمن فى تفسير القرآن المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 72

و يزداد حسن هذه الاستعارة في مقابلة قولهم انما نحن مستهزءون. و اين عنها قول عمر بن كلثوم في معلقته:

ألا لا يجهلن احد علينا

فنجهل فوق جهل الجاهلينا

وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ‌ يملي لهم و يمهلهم في تماديهم على طغيانهم مع حرمانهم التوفيق و هذا بمنزلة التفسير لما استعير له لفظ الاستهزاء يَعْمَهُونَ‌ العمه هو العمى في الرأي و البصيرة و التردد في الضلال‌

[سورة البقرة (2): الآيات 16 الى 17]

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى‌ فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ (16) مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَ تَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (17)

15أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى‌ إذ كانوا ممن هيأ اللّه بألطافه لهم اسباب الاهتداء و جعل بلادهم محط بركة الهجرة و مشرق أنوار الوحي و منار الدلائل و الحجج قد أحاطت الألطاف بهم و توارد عليهم الإرشاد في مصبحهم و ممساهم و أجابوا دعوة الإسلام بلا إكراه حرب و لا إرهاب سيف. و لكن هذا الهدى الذي سعدوا بالقرب من موارده العذبة و ثماره الجنية قد اشتروا به الضلالة. و ان كل مشتر من العقلاء لا بد من ان يراعي منفعته بما اشتراه و غبطته بتجارته و هذا أول ما يطلب من الربح فيها. و الربح نقيض الخسران و من لم يربح في تجارته و لم يكن لما اشتراه منفعة فهو خاسر و يكفي هؤلاء من السفه إنهم اشتروا و تاجروا فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ‌ و لا نفع لهم فيما اشتروه فضلا عن و باله في الدنيا و الآخرةوَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ‌ من أول الأمر لأنهم لم يظهروا الإسلام عن بصيرة و إيمان و إنما أظهروه لأغراض أخرى. و قيل و ما كانوا مهتدين في تجارتهم و الأول أظهر و أوفق بمقتضى الحال 17مَثَلُهُمْ‌ في حالهم‌كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً و طلب وقودها لحاجته إلى الضياء فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ‌ من النواحي و حان انتفاعه بنورها فيما يعنيه من أموره ذهب ذلك النور و عاد هذا المستوقد في ظلام دامس لا يبصر فيه شيئا و خبط عشواء لا يهتدي فيه سبيلا. و هؤلاء المنافقون المذكورون كانوا يتشرفون بحضرة الرسول (ص) و يستمعون إلى كلامه و حججه في بيانه و دلائله في إرشاده و تلاوته لكتاب اللّه فهم بذلك كمن استوقد نارا لهدى فلما أضاءت لهم بلطف اللّه مناهج الرشد و مغاني الحق تمرّدوا على اللّه بنفاقهم فخرجوا عن كونهم أهلا

اسم الکتاب : آلاء الرحمن فى تفسير القرآن المؤلف : البلاغي، الشيخ محمد جواد    الجزء : 1  صفحة : 72
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست