الكلام اخبارا من اللّه لما ناسبه تكذيب اللّه لهم- الثانية- قيل في
تفسير ذلك ان يعقوب حرم على نفسه العروق و لحم الجمل فقالت اليهود ان لحم الجمل
محرم في التوراة أي انها تذكر ان إسرائيل حرمه على نفسه- الثالثة- ان تحريف
التوراة الحقيقية كان قبل رسول اللّه بقرون متطاولة منذ انقطع أثرها بارتدادات بني
إسرائيل و تتابع البلايا عليهم فادعى وجودها «حلقيا» الكاهن في زمان «يوشيا» الملك و ذكروا تجديد
كتابتها من عزرا بعد سبي بابل. كما أشرنا الى ذلك في المقدمة الخامسة من كتاب
الهدى
[1] فراجعه. كما ذكرنا بعض الشهادات بتحريفها من كتابي «اشعيا» و «ارميا» و هما من كتب وحيهم [2] فالتوراة في عهد رسول اللّه (ص) هي نفس التوراة الموجودة في عصورنا
فإنها كانت إذ ذاك منتشرة بين الاسرائيليين و السامريين و النصارى في الشرق و
الغرب و الحبشة و غيرهم بلغات متعددة و منها اليونانية السبعينية و الحبشية و لا
يوجد بينها إلا اختلاف طفيف فالتوراة الرائجة في عصورنا هي المحرفة التي جادلهم
القرآن بها و قالفَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إذن فمعنى الآية ان بعض
اهل الكتاب قالوا كل أصول المطعومات كانت جلا لبني إسرائيل قبل أن تحرم التوراة ما
حرمته منها ثم استثنوا من ذلك ما زعموا ان إسرائيل حرّمه على نفسه من قبل أن تنزل
التوراة فنزلت التوراة بتحريمه. و هذا كله كذب و افتراء حتى ان توراتهم تكذبهم فيه
و تذكر ان المحرمات من الحيوانات البرية و المائية و الطيور إنما هي رجس فانها
نهتهم عن أن يأكلوا كل رجس كما في العدد الثالث من الفصل الرابع عشر من سفر
التثنية ثم نصّت في الفصل المذكور على المحرمات كما نصت عليها في الفصل الحادي عشر
من سفر اللاويين. إذن فكيف يكون الرجس حلالا شرعيا قبل التوراة و ايضا لم تذكر
التوراة ان إسرائيل حرم على نفسه شيئا. بل إنما نذكر ان إسرائيل ضرب على حق فخذه
على عرق النساء لذلك لا يأكل بنو إسرائيل عرق النساء الى هذا اليوم. فتوراتهم تقول
ان ذلك تشريع منهم لا من إسرائيل كما في الفصل الثاني و الثلاثين من سفر التكوين.
يا رسول اللّه ان هؤلاء لا ينتهون عن الكذب إذن فجادلهم بتوراتهم وقُلْ لهم في اظهار كذبهمفَأْتُوا
بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها في هذه المواردإِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ فإن