حَسَناً قد اقتضت حكمة اللّه و رحمته في شأن الإنسان و نظام مدنيته و تشابكه
في الاجتماع ان يجعل بعضهم محتاجا إلى بعض في شؤون التعيش و الأموال. كما اقتضت
حكمته و رحمته في كمال الإنسان و نيله كرامة الفضيلة و حسن الجزاء بأن يجعله
مختارا في أفعاله و أحواله في الإيمان و الكفر و الطاعة و المعصية. و اقتضت حكمته
و رحمته و لطفه أن يأمر بالتعاون على البر و الإحسان و ان يعود الغني على الفقير
بشيء مما هو من رزق اللّه و خلقه و ينفق شيئا من مال اللّه في نصر الحق و اهله و
دفاع الباطل و اهله. و اقتضت رحمته و لطفه ان يرغّب الإنسان في الإنفاق في سبيل
اللّه و الخير في الفقراء و الجهاد و ينصره بهذا الترغيب على شح نفسه و نزعات حرصه
و ما يسوله له فقر إمكانه. فجاء القرآن الكريم على أحسن وجه في الترغيب و حاصل ما
يشير اليه و ينوه به هو انكم ايها الناس لا بدلكم من انكم تعرفون أن كل نعمة عندكم
إنما هي من اللّه و خلقه للعالم و ما فيه. و مع ذلك فإن اللّه بحسب حكمته و لطفه
يندبكم إلى أن تنفقوا شيئا مما أنعم به عليكم في طريق صلاحكم و سعادتكم و ان الذي
ينفق في ذلك شيئا من ماله و هو يريد به وجه اللّه يجعله اللّه قرضا عليه إذا كان
قرضا و إنفاقا حسنا من المال الحلال فاقدا لما يشينه من الرياء و المن و نحو ذلكفَيُضاعِفَهُ
لَهُ بنصب «يضاعفه»
جوابا للاستفهام بعد الفاء و في الحقيقة هو جواب لطلب القرض المؤكد
بأسلوب قوله تعالىمَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ
لَهُأَضْعافاً كَثِيرَةً.
روى الصدوق في معاني الاخبار في الصحيح عن الخزاز و العياشي عن علي
بن عمار عن الصادق (ع) لما نزل من جاء بالحسنة فله خير منها قال رسول اللّه اللهم زدني
فأنزل اللّه من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها فقال رب زدني فأنزل اللّهمَنْ ذَا
الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً فعلم رسول اللّه
(ص) ان الكثير منه لا يحصى و ليس له منتهى
وَ اللَّهُ يَقْبِضُ وَ يَبْصُطُ
في تفسير البرهان عن الصدوق مسندا عن الصادق يمنع و يعطي
و المراد استلفاتهم إلى ان امر الرزق بيد اللّه جل شأنه فليغتنم ذو
السعة فرصة الإنفاق و قرض اللّه قبل ان يضيق عليه رزقه و تبقى له الحسرة. و لا يخف
في إنفاقه فقرا فإن بيده بسط الرزقوَ إِلَيْهِ
تُرْجَعُونَ
فيوفيكم جزاء ما أنفقتم و تشتد حسرات الحريص الشحيح على ما فرط