أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أي ألم تعلم بأمرهم و نزل
علمه (ص) بما فيه من الإيمان و اليقين بمنزلة الرؤية بالبصرخَرَجُوا مِنْ
دِيارِهِمْ وَ هُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ أي خرجوا حذرا من الموت و
فرارافَقالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا و إنما أمره إذا أراد شيئا
ان يقول له كن فيكون فعبر عن ارادته التكوينية بالأمر بالموت و بالكون اشارة إلى
ان قدرته لا تحتاج إلى عمل و ممارسة مقدماتثُمَّ
أَحْياهُمْ
بعد موتهم.
روى في روضة الكافي عن الباقر و الصادق عليهما السلام قصة هؤلاء و
هربهم من الطاعون و موتهم و بقاءهم بلا دفن حتى صاروا عظاما فجمعها المارة و نحوها
عن الطريق فمر عليها حزقيل النبي من بني إسرائيل فدعا اللّه في احيائهم فأحياهم. و عن العياشي و
سعد بن عبد اللّه عن حمران عن باقر عليه السلام مختصر في هذه القصة. و روى في ذلك
في الدر المنثور عدة روايات عن ابن عباس و بعض التابعين [1]
إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ يعرفهم قدرته و يبصرهم
بمواعظه و يحوطهم بألطافه و يجللهم برحمتهوَ لكِنَّ
أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ 243 وَ قاتِلُوا ايها الناسفِي سَبِيلِ
اللَّهِ
و لا تخافوا من الموت فإن الأمور بيد اللّه و لكم الموعظة بفرار
هؤلاء من الموت و موتهم و احيائهموَ اعْلَمُوا
أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ لدعائكم و استنصاركم و ما تقولونه في امر الجهاد و الدعوة إلى اللّه
و دين الحقعَلِيمٌ بنياتكم في جهادكم 244مَنْ ذَا
الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً
[1] و لهذه القصة شؤون. فقد ذكر نظيرها
في العهد القديم في كتاب حزقيال من العدد الاول إلى الحادي عشر من الفصل السابع و
الثلاثين. فجاءت جمعية المرسلين الامريكان في الجزء الثاني من كتابهم الذي سموه «الهداية» و اعترضوا على
القرآن المجيد و أنكروا مضمونها و الاحياء و جعلوا ما ذكر في كتاب حزقيال رؤيا
منامية غايتها البشرى بانتعاش بني إسرائيل بعد السبي و رجوعهم إلى قوميتهم و
حالتهم السياسية.
دع جمعية الأمير كان و هلم الخطب في بعض مفسري المسلمين المعاصرين
من المصريين إذ كتبوا و طبعوا انكار الأمر الذي ذكره القرآن الكريم بالمحاورة
الصريحة الدائرة بين العقلاء في بيان الحقائق و فسروا الآية بأن موت أولئك القوم
هو ان العدو نكل بهم فأفنى قوتهم و أزال استقلال أمتهم حتى صارت لا تعد أمة. و
معنى حياتهم هو عود الاستقلال إليهم. إلى آخره. و يا ليت النزعة العصرية و اللهجة
السياسية لم يمدا أيديهما إلى القرآن الكريم.